منبرالراي

تعطيل المصالحة القطرية السعودية أم التأجيل؟

وليد حسني

نجحت قطر في إحداث اختراقات جوهرية في جدار الحصار الرباعي الذي فرضته السعودية والامارات والبحرين ومصر عليها في الخامس من حزيران يونيو 2017 والتي قادت بالنتيجة الى التفاهم السعودي القطري على رفع الحصار السعودي عن الدوحة في مطالع شهر كانون اول ديسمبر 2020 .

بدأت قطر مسيرة الإختراق هذه في نهاية شهر ايار مايو 2019 بمشاركة رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة، في قمم مكة الثلاث (عربية وخليجية وإسلامية)، ليكون بذلك أعلى مسؤول قطري يزور السعودية، منذ بدء الحصار.

وفي 3 تشرين اول اكتوبر 2019 تعود قطر للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لرؤساء أركان مجلس التعاون الخليجي بدعوة سعودية تعلن فيه قطر عن إدانتها لإعتداءات تعرضت ايرانية على الرياض، وفي العاشر من الشهر نفسه تشارك قر في العاصمة العمانية مسقط بانطلاق اجتماع اللجنة العسكرية العليا لرؤساء أركان دول الخليج، وبعد ستة ايام من الشهر نفسه يشارك وزير الداخلية القطري في مسقط في الاجتماع السادس والثلاثين لوزراء داخلية دول الخليج.

تتالت بعد ذلك المشاركات القطرية في النشاطات الرياضية الخليجية والسياسية، كان ابرزها توجيه الملك سلمان دعوة للامير تميم لحضور اجتماع مجلس التعاون الخليجي بالرياض في 10 ديسمبر 2019، وكان سبق تلك الدعوة اعلان وزير الخارجية القطري باربعة ايام فقط عن مباحثات قطرية سعودية حول الأزمة الخليجية معربا عن امله بنجاحها وكان هذا الاعلام اول اشارة رسمية لأبواب التفاوض القطري السعودي.

وبالرغم من ان الامير تميم لم يشارك في قمة الرياض إلا ان رئيس الوزراء القطري شارك في تلك القمة

في اواخر شهر يناير كانون ثاني 2020 عاد الاعلام السعودي لمهاجمة قطر واتهامها بدعم الارهاب، مما فتح الباب للتطهن فيما إذا كانت جولات الحوار بين الرياض والدوحة قد وصلت الى طريق مسدود، وهو ما دفع بوزير الخارجية القطرية للاعلان في منتصف شهر شباط فبراير عن تعليق جهود حل الأزمة بين بلاده والسعودية بعد فشل المباحثات بينهما.

لكن وبعد أيام معدودة من الشهر نفسه  يعود وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية للاعلان عن أن “الدوحة منفتحة تجاه الحوار”، وفي أواخر شهر اذار مارس 2020 تعود قطر للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لوزراء مالية دول الخليج عبر تقنية الفيديو.

وفي واخر شهر ايار مايو 2020 يبعث امير الكويت الراحل باخر رسالة خطية يرسلها إلى الملك سلمان، تتعلق بالجهود الكويتية لحل الازمة الخليجية.

في منتصف شهر تشرين الاول اكتوبر يجدد وزير الخارجية القطري انفتاح بلاده على الحوار، فيما يشير وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحانالى حل مرتقب للأزمة مع قطر، وتعلن مساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر عن حل يلوح في الافق لحل الازمة الخليجية مستدركة بالقول ان الأمر سيستغرق وقتا.

عادت قطر في نهاية الشهر نفسه للمشاركة بالاجتماع الافتراضي السابع والثلاثين لوزراء دول مجلس التعاون الخليجي، وفي 27 نوفمبر تشرين ثاني تشارك الدوحة بالمؤتمر الافتراضي لوزراء الدفاع في مجلس التعاون.

عقد وزراء دفاع دول الخليج اجتماعا افتراضيا عبر تقنية “فيديو كونفرانس”، بمشاركة وزير الدفاع القطري.

وفي الثاني من شهر كانون الأول ديسمر 2020 يلتقي امير قطر مع  جاويد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الامريكي دونالد ترامب في خطوة وصفت في حينه بانها تستهدف وضع المصالحة القطرية السعودية على الطاولة، وبعد هذا الاجتماع بيومين ( 4 / 12 / 2020 ) يعلن وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح في بيان عما أسماه” مباحثات مثمرة جرت خلال الفترة الماضية أكد فيها كافة الأطراف حرصهم على التضامن والاستقرار الخليجي، والوصول لاتفاق نهائي”.

كوشنر كان أحد عرابي اتخاذ قرار مقاطعة قطر على مأدبة عشاء بحضور مسؤولين سعوديين واماراتيين وبحضور ستيف بانون (مستشار سابق لترامب) الذي كشف عن تلك المعلومات مشيرا الى ان وزير الخارجية الامريكي السابق ريكس تيلرسون لم يحضر هذا العشاء لأنه كان يعارض قرار مقاطعة قطر بشدة.

ولربما تكون زيارة كوشنر واجتماعه بالامير تميم هي الزيارة الأخيرة له للمنطقة، ومن المرد حان الدوجة لا تثق بكوشنر، وتنتظر مغادرة ترامب وادارته للبيت الأبيض لاستكمال المصالحة التي تبدو وكانها تسير بخطى بطيئة لغايات استهلاك الوقت انتظارا لمغادرة ترامب وتسلم جو بايدن الرئاسة.

من المرجح في هذا الصدد أن تبقى جولات التقارب السعودي القطري في غاية البطء، وقطر نفسها قالت ذلك وكذلك السعودية، وخبراء دوليين يعتقدون جميعهم ان قرار المصالحة سيحتاج لوقت طويل نسبيا لانجازه في ظل المعارضة الاماراتية التي لم تبد أي رضا او دعم لهذا القرار ولا تزال تضع العصي في دولاب المصالحة.

السعودية من جانبها لا تزال تمتلك جزءا مهما من اشتراطات قطر للمصالحة والمتمثلة بفتح المجال الجوي والبري، ويبدو ان السعودية تلعب بهذه الورقة باعتبارها مفتاحا مهما للمصالحة، وليس أمام قطر غير الحصول على مطلبها هذا لانخراط اكثر جدية في تفاصيل ملف المصالحة الذي ولد شائكا تماما وليس من المرجح ان تعود العلاقات السعودية القطرية، والخليجية القطرية الى ما كانت عليه قيل 5 حزيران 2017 الا بعد قطع شوط طويل من إبداء حسن النواب بين جميع اطراف المعادلة خاصة مع الامارات والبحرين.

قطر التي تبدو اكثر ارتياحا لخسارة ترامب وفوز بايدن تراهن على الرئيس الأمريكي الجديد الذي ابدا انفتاحا مبكرا على ازمات المنطقة وتحديدا الازمة الخليجية، ومن المرجح أن يحصل بايدن على فرصة جيدة لتحقيق اول انتصاراته في سياسته الخارجية عبر بوابة المصالحة السعودية القطرية، وما قد يتلوها من مصالحات اخرى ستعيد خلط الاوراق في اقليم الخليج بخلق ادوار لايران وتركيا بما في ذلك تعميق حالة التقارب السعودي التركي، حينها لن تجد الامارات امامها غير العودة لطاولة المصالحة مع قطر قبل ان تفوتها العربة الأخيرة في قطار لا يستطيع التوقف مطولا في محطات استراحة شائكة.

لا تظهر مصر والبحرين كدولتين في محور الحصار فاعلتين تماما، وكانهما تجلسان على دكة الانتظار وترقب ما يجري في محورهما الذي بدأ بالتفسخ والتفكك بالتقارب السعودي القطري، هنا تبرز فقط الامارات كعدو متشدد ضد الدوحة لا يحسن المصافحة لاعتقاده بان مجرد فتح قناة حوار مع الدوحة ستعني هزيمة له، في حين لا تزال قطر تستند الى محورية دبلوماسية تعتمد خطاب الانفتاح والتصالح ورفض الاملاءات الثلاثة عشر التي تضمنتها صحيفة المقاطعة سيئة الصيت والتي استهدفت اعلان استسلام الدوحة بدون شروط لاربعة عواصم تنظر لقطر بعين العداء وبعقلية التخاصم.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق