الثقافةمنبرالراي

أي توجّهات إستراتيجية لتثمين التراث في وزارة الثقافة الجديدة؟


صادق مجلس نواب الشعب منذ آيام على تزكية التحوير الوزاري الجديد والذي بمقتضاه تم تعيين الاستاذ يوسف بن ابراهيم وزيرا للثقافة وتثمين التراث وبمقتضى هذا التحوير تم احداث تغيير في اسم وزارة الشؤون الثقافية باضافة عنصر “تثمين التراث”لهذه الوزارة،فهل أعدّت هذه الاخيرة خططا استراتيجية ذات صلة بالتراث وتثمينه؟
اجابة عن هذا السؤال من الضروري في البداية مباركة تعيين ابن الوزارة على رأسها كما من الضروري التنوية باضافة دور جديد متجدّد لمشمولات هذه الوزارة في تثمينها للتراث بعد المحافظة عليه لحسن استغلاله وتسويقه.
اما بالنسبة الى استعدادات الوزارة وخططها الاسترتيجية لدورها الجديد من المهم التذكير ان هذا التثمين هو عنصر اساسي في عمل الوزارة منذ سنوات حيث تشرف على متابعة هذا الملف مجموعة من الادارات المركزية وأساسا ادارة التراث ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية والمعهد الوطني للتراث وهي ادارات تشتغل في تنسيق محكم ووفق القوانين والاساسية والاوامر المنظّمة لدور وتدخّل كل هيكل.

إذ في اطار هذه العلاقة التشاركية بين هذه الادارات تم تكوين فريق عمل مشترك بين وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية من خلال الإدارة الفنية وإدارة استغلال التراث والمعهد الوطني للتراث من خلال ادارة التنمية المتحفية للوقوف على مختلف الهنات بعدد من المتاحف قصد إجراء تدخلات عاجلة تهم صيانتها وتحسين خدمات الاستقبال فيها كخطوة أولى في انتظار تنفيذ استراتيجية وطنية لتطويرها وتثمينها.

وهذا الفريق حاليا بصدد متابعة عديد المشاريع منها أشغال تهيئة متحف الصحراء بدوز التي انطلقت في آواخر سنة 2020 كما كانت لفريق العمل المشترك زيارة الى ولاية صفاقس وذلك بالوقوف على النقائص بمتاحف الجهة والعمل على تفاديها بالتدخلات العاجلة التي تهم الصيانة وتطوير خدمات الاستقبال لعودة كل من متحف دار الجلولي والمتحف الأثري للاستغلال.

الى جانب متابعة الفريق لبرنامج خاص باعادة فتح متحف قابس للتراث التقليدي لاستقبال الزوار والعمل على صيانة وتحسين خدمات الاستقبال بالمتحف الأثري بجرجيس ولمعالم جزيرة جربة وصيانة وتحسين خدمات الاستغلال بالموقع الأثري جيكتيس بوغرارة والتدخّل العاجل لصيانة وتحسين خدمات الاستقبال بمتحف الصحراء بدوز
كما ان خطة الوزارة في تثمين التراث تقوم على استغلال وتوظيف هذا التراث ضمن تظاهرات ثقافية ومهرجانات فنية وفي اطار بلورة الخطوط الكبرى لهذه الاستراتيجية انطلقت الهياكل المشرفة على الشأن التراثي والاثري بالوزارة من خلال الادارة المركزية للتراث أساسا ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية في اعداد خارطة عمل للغرض كما يتم التنسيق بين الادارة العامة لمؤسسة المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية قصد دراسة سبل العمل المشترك وإنجاز تظاهرات ثقافية نوعية ذات اهتمام مشترك وبما يساهم بصفة فعالة في التنمية الثقافية حيث تم تحديد نوعية التظاهرات ذات القيمة المضافة التي من شأنها التعريف بتراثنا الوطني وكيفية تطويرها وترشيدها وإحكام تنظيمها كما تم الاشتغال على خطة في مجال التكوين في عدد من المجالات التي يمكن الاستثمار فيها لتحسين الاتصال والتواصل حول التراث.
وفي هذا الاطار أشير الى انه ضمن هذه التوجّهات الكبرى سيتمّ هذه السنة تنظيم “ملتقى الفنون التراثية بمكثر”وهو مشروع ثقافي طموح يهدف الى احياء التراث الاثري وتنمية السياحة الثقافية بولاية سليانة وستحرص وزارة الثقافة وتثمين التراث من خلال هياكلها ذات الصلة على دعم انجاز هذا الملتقى الطريف والفريد من نوعه والذي سيهتم في دورته الاولى بموضوع الفسيفساء من خلال مجموعة من الورشات في النحت على الحجارة والنقش على الخشب وتزويق الحزف وورشة تركيب لوحات الفسيفساء وبمشاركة مجموعات من طلبة الفنون الجميلة والتراث والحرف وسيشرف عليها مختصون من ابناء ولاية سليانة من الفنانين والنقاشين والنحاتين كما سيفتح للغرض معرض قار بمدينة مكثر يخصص للفنون التراثية.
كما ان وزارة الثقافة وتثمين التراث وفي اطار توجهاتها الجديدة والمتجدّدة تشتغل على توفير آليات اشعاع تراثنا المادي واللامادي وتسويقه ورقمنته عبر ابرام عقد اتفاقية إطارية مع الادارة العام لمؤسسة التونسية للأنترنات يتم من خلالها إنجاز مجموعة من المشاريع الرقمية.

حيث ستتم تغطية 3 معالم اثرية بمنطقة مكثر بشريط رقمي ذو بعد افتراضي 360 درجة كما سيبثّ هذا الشريط عبر المنصات العالمية المعروفة بما من شأنه ان يفتح باب السياحة الثقافية والبيئية والصحية في وجه الشباب والمستثمرين وضمن افاق كبيرة وواعدة سيكون لها تأثير بالغ في تحريك النشاط الاقتصادي بالجهة.
كما ان للوزارة برنامج مهم لتسجيل التراث المادي واللامادي ضمن التراث العالمي من ذلك إدراج الكسكسي وطريقة الصيد بالشرفية في جزر قرقنة بالتراث العالمي وضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لدى اليونسكو. كما تشتغل هياكل الوزارة بالتنسيق مع المجلس الدولي للمعالم والمواقع ICOMOS وجمعية صيانة جزيرة جربة من أجل رسم رؤية جديدة للتصرف في التراث بما في ذلك المواقع المقترحة للإدراج على لائحة التراث العالمي ومتابعة تقدم ملف ادراج مواقع جزيرة جربة وخاصة البرج الكبير، متحف سيدي الزيتوني، جامع الوطى وجامع ولحي ضمن التراث العالمي ذلك ان ترشيح جزيرة جربة لإدراجها ضمن لائحة التراث العالمي لليونسكو هو اعتراف بالمكانة التراثية والحضارية المتميّزة لهذه الجزيرة على الصعيد الدّولي كمخزون تراثي وثقافي هامّ وكمثال للتّعايش السلمي بين الحضارات والدّيانات علاوة على تمتّع جربة بموقع جغرافي استراتيجي قادر على الاستقطاب السياحي.

كما تهدف هذه البادرة التي شاركت فيها هياكل حكومية ونسيج من المجتمع المدني إلى التعريف بتونس سياحيا والتّرويج لخصوصياتها الحضارية والثقافية ودعم حضورها في الخارج.
واعتبارا لأهمية المحافظة الوقائية والعلاجية للممتلكات الثقافية علمنا أن هناك برنامجا لاستغلال المقهى الأندلسي في إطار اتفاقية مع بلدية تستور وبما يهدف إلى إنقاذ المعلم لاسترجاع إشعاعه في محيطه باعتباره يمثل مكانا للذاكرة الجماعية وله أهمية ثقافية واجتماعية رمزية كبرى لدى الأهالي و يتضمن مشروع الاستغلال إحداث هيكل استقبال وتهيئة مركز لتقديم التراث الثقافي لمدينة تستور وإنشاء فضاءات لاحتضان التظاهرات الثقافية .

حيث سيصبح لمدينة تستور مركزا ثقافيا لتقديم التراث الثري ضمن المقهى التاريخي بها والذي يعدّ أحد أهم المعالم التّراثية التي تتصدر مدخل المدينة قبالة الجامع الكبير وبطحاء المدينة الأندلسية والتي يؤمها السّائحون من تونس ومن الخارج.

كما ستعمل الوزارة هذه السنة على ترميم و صيانة وتهيئة كاتدرائية القديس سان لويس بقرطاج المعروفة بـ” الأكروبوليوم “مع الحرص على المحافظة على سلامة المعلم ودعم المستثمرين الحاملين لمشروع ثقافي بعد استكمال جميع التدخلات على مبنى المعلم.

وذلك في إطار تنفيذ استراتيجية الوزارة في مجال الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص كما سيتم خلال السنة الحالية ايضا وضع الآليات العملية للشروع في تنفيذ مشروع تهيئة المواقع البونية بقرطاج.

الى جانب دعم برنامج صيانة وتهيئة متحف سيدي عمر عبادة بالقيروان ودعم برنامج صيانة وتهيئة المعلم الاثري بحمام ملاق بجهة الكاف
ومن منطلق ارداف كلمة تراث لكلمة ثقافة ضمن الحكومة الجديدة ستحرص الوزارة على وضع خطة لاصلاح قطاع التراث المهمش منذ عقود مما سمح بالتلاعب بتراث تونس وتاريخها خصوصا في عدم تفعيل المنظومة التشريعية بهدف تثمين تراثنا انطلاقا من الجرد والحفر و الصيانة والترميم والاستغلال وصولا الى التثمين خصوصا ان الوزير الجديد مدرك وملمّ جيدا بقطاع التراث ومشاكله وحريص منذ كان رئيسا لديوان الوزير السابق على حلحلة اشكاليات القطاع والذي يتطلب ضرورة الترفيع في ميزانية المعهد الوطني للتراث بما يساعد على اعادة هيكلته وتنقيح مجلة حماية التراث وفق مقاربة تشاركية مع اهل الاختصاص وتوحيد تدخلات الادارات والهياكل المعنية بالشأن التراثي بالوزارة وحوكمة التصرف في مخزونه الاثري والتراث.

الى جانب التفكير في تجميع أدوار كل الاطراف ذات الصلة بقطاع التراث ضمن ديوان وطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية على غرار ما هو موجود في وزارة الثقافة الجزائرية.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق