منبرالراي

قناة الجزيرة بين مطرقة السياسة وسندان الإعلام

تأسست قناة الجزيرة سنة 1996مقرها في العاصمة القطرية الدوحة رئيس مجلس إدارتها هو الشيخ “حمد بن ثامر آل ثاني” ،إنها قناة إخبارية تابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية للأنباء العربية.

حيث توسعت القناة لتصبح شبكة إعلامية دولية بعدد من المنافذ المنابر الإعلامية التي تسعى دائما إلى التطور والتعدد في محتواها الإعلامي فأصبحت تنافس القنوات العالمية باللغتين العربية والإنجليزية، منها قناة” سي ان ان ” و” فوكس نيوز” الأمريكيتين وغيرها من القنوات العالمية.

كانت تغطية “السي ان ان ” للحروب على العراق حينها أكثر شعبية إلا انه مع ظهور قناة الجزيرة وجد المراقبين نقطة تحول جديد في مسيرة الإعلام العربي لتغطية الأحداث ، كانت الشبكة قد خاضت معاركها مع القوى الأنظمة الشمولية إلا أن إصرارها على فتح قناة الحوار وبشكل غير مألوف وباعتماد التحليل من جوانبه كافة لما تطرحه من قضايا على منحها المزيد من المصداقية ،فكانت محطة الجزيرة فرصة بالنسبة للمعارضين لإيصال أصواتهم إلى داخل النظام فرأى فيها البعض اختراق للسياج الحديدي الذي طوق البلاد وقتها بين هذا وذلك ظلت العلاقات بين الطرفين في حالة مد وجزر محورها طموح قناة الجزيرة في بث الآراء المخالفة وهو ما أثار جدلا في دول الخليج العربي و الدول العربية.أحزاب ووسائل إعلامية تونسية تستنكر وتندد…خلال ثورة الياسمين في2011 اتهم البرلمان التونسي قناة الجزيرة و أحزاب سياسية والنقابة الوطنية للإعلام وغيرها من الهياكل الوطنية قناة الجزيرة القطرية بالتضليل وتشويه سمعة البلاد على خلفية تغطيتها لأحداث محافظة سيدي بوزيد.وهو ما أكده البرلمان في بيان له حينها إن “الجزيرة تسعى لتشويه سمعة تونس وبث روح الحقد والبغضاء وتوظيف مجريات الأحداث لغايات مشبوهة واختلاق الاستنتاجات المضللة والمزاعم الواهية وفسح المجال للمناوئين والمشككين للإساءة لتونس على أساس التلاعب بالمشاعر والمغالطة الرامية إلى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار”.من جهته صرح حزب الوحدة الشعبية أن “مزاعم”الجزيرة” وبعض وكالات الأنباء التي حذت حذوها دون أن تذكرها باتت مكشوفة أمام الرأي العام الوطني وكل القوى الوطنية.”

وقال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي إن التناول الإعلامي لقناة الجزيرة مع أحداث سيدي بوزيد وعدد من المدن الأخرى “لم يكن تعاطيا محترفا وملتزما بقيم ومبادئ العمل الصحفي بل كان في جوهره تعاطيا سياسيا يدفع في اتجاه مزيد توتير الوضع من خلال أسلوب التهويل والتضخيم.”أما الحزب الاجتماعي التحرري فوصف تغطية قناة الجزيرة بأنها “حملة إعلامية مشبوهة تنطلق من أهداف مغرضة وساعية إلى خدمة أهداف تتقاطع مع مصالح المواطن وتتعارض مع خدمة الوطن.”

واتهم حزب الخضر للتقدم الجزيرة “بتضخيم الأحداث والتركيز على البث المتكرر طيلة أيام عديدة لصور غير موثوقة المصدر ومعتمدة التركيب الموجه لهذه الصورة لأجل وضع الأحداث خارج إطارها ولإيهام الناس بوقائع ترتكز على الإثارة.” لا ننسى أيضا موقف ظهور رئيس الجمهورية قيس سعيّد إبان الإنتخابات الرئاسية على قناة الجزيرة القطرية، لاسيما انه أثار جدلا واسعا في تونس.

ولقد اتهمه الإعلام التونسي حينها انه خرقا للقانون الانتخابي الذي يمنع المرشحين من التحدث لوسائل الإعلام الأجنبية خلال الحملة الانتخابية و اعتبرته جل وسائل الإعلام بالموقف المتحيز معتبرة أنه لا يليق برئيس التونسيين بمختلف انتماءاتهم السياسية، خاصة أنه فضّل قناة “الجزيرة” القطرية لتكون أولى منابره الإعلامية بعد الفوز.وهو ما دعمه المحلل السياسي التونسي محمد بوعود في تصريحه” لـ”العين الإخبارية”،أنه “منذ الساعات الأولى لإعلان مروره للدور الثاني للانتخابات الرئاسية، حرص سعيّد على أن يكون أول ظهور له في قناة الجزيرة القطرية، وقطع كل اتصال له بالإعلام المحلي حتى العربي والدولي، ولم يظهر إلا في المناظرة التلفزيونية، وبعد انتخابه كان له حوار يتيم على القناة الوطنية”.

حيث أن “هذا التوجّه لا يختلف فيه سعيّد كثيرا عن الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، ولا عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي…جميع هؤلاء “يشعرون في داخلهم أن قناة الجزيرة ذات فضل عليهم، وأنها الوحيدة التي ستوصل صوتهم إلى جمهورهم في الداخل، باعتبار أن باقي الجمهور “المختلف” قاطع القناة في أغلبه”.

“المشهد بدا شبيها بالسنوات التي تلت احتجاجات 2011 والتي تسابق فيها الكثير من السياسيين والمسؤولين التونسيين على الإعلام الأجنبي، و”الجزيرة” تحديدا، مقابل رفض التعامل مع الإعلام التونسي، بينهم المنصف المرزوقي الذي يرى البعض أن سعيّد نسخة منه في هذا الجانب.””واستفاد المرزوقي من خدمات قناة الجزيرة القطرية التي تطوعت لقيادة حملته الانتخابية ودعم توجهاته، بالإضافة إلى استغلاله لمركز الدراسات التابع للجزيرة الذي يكتب له “الحقوقي” بإمضاء رئيس دولة سابق وبمقابل مادي”.”ولا يزال متابعون إعلاميون في تونس يتوجسون من الأدوار التي تلعبها قناة الجزيرة، حيث يرون فيها منبرا إعلاميا يروج للإسلام السياسي ويترصد أي توتر سياسي في البلاد لاستكمال دوره بصناعة الفوضى مثلما حدث مباشرة بعد ثورة 2011.”كما طالب عدد من التونسيين، من إعلاميين وقيادات نقابية وناشطين في المجتمع المدني إبان الأحداث التي عاشتها مدينة بنقردان بإغلاق مكتب “الجزيرة” لأن القناة في تقاريرها الصحفية ونقلها للأخبار الحينية لم تصف من قاموا بعملية بنقردان بالإرهابيين، واكتفت بوصفهم بالمسلحين.اعتبر أيضا العديد من المراقبين أن حلقات البرنامج التي تبث على قناة الجزيرة شاهد على العصر” والتى كانت تستضيف الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقى تعد تدخلا فى الشأن التونسي ومحاولة لتأجيج الأوضاع الداخلية لصالح حركة النهضة في محاولة بائسة لإعادتها مجددا للحكم في تونس، وحذروا من أن القناة تستعد للعب دور قادم في تونس كأدوار سابقة لها، وتساءل السياسيون التونسيون عن سبب سكوت القناة المذكورة عن كل ما يحدث في دولة قطر.

واعتبر الإعلامي التونسي زياد الهاني إن “غلق مكتب قناة الجزيرة بتونس أصبح قضية أمن قومي، والقادم أخطر بكثير”. و حذّر بعض الحقوقيين والإعلاميين من أن يكون إغلاق مكتب “الجزيرة”، إنْ حصل، عودة إلى مربّع الاستبداد والسيطرة على الإعلام بعد أن عرف حيّزا من الحرية بعد الثورة التونسية.ونددت أيضا النقابة العامة للإعلام، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل سنة 2017 في بيان لها “أن المرزوقي لم يتردد في “الارتهان إلى بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي يُفضل الظهور فيها بأجر مدفوع مسبقاً، لا تقوى وسائل الإعلام التونسية على دفعه” في إشارة إلى كتابات الرئيس المؤقت السابق في موقع الجزيرة القطرية، وأحاديثه الكثيرة التي يُدلي بها دورياً للقناة القطرية، لمهاجمة تونس، والأحزاب التونسية المعارضة له.”

كما صرح نقيب الصحفيين التونسيين السابق ناجي البغوري” إنه عوض اتهام للجزيرة، يجب “توجيه الاتهام إلى الإعلام الرسمي الذي يمول من أموال دافعي الضرائب”.

واستغرب استهداف قناة الجزيرة، وقال إنها ليست الوحيدة التي نقلت احتجاجات ولاية سيدي بوزيد إلى الجمهور، مشيرا إلى أن ما عرفته الولاية من أحداث تناقلته عدد من القنوات الفضائية ومواقع إلكترونية متعددة.وعبر عن رغبته في أن يفهم أصحاب القرار الدرس من الأحداث الأخيرة، مؤكدا أنه “لا مجال للتعتيم في هذا العصر”.

كما اتهمت صحيفة الشروق التونسية في تقرير لها نشر قبل سنوات ” قناة الجزيرة بالتدخل في الشأن التونسي، وقالت “بدل انشغالها بتلميع صورتها وحفظ ما بقى متاح للتعاطف معها تعمد قناة الجزيرة القطرية إلى مواصلة نهج التدخل في الشأن التونسي عبر “شهادات زائفة على العصر” كما لو إنها تستعد لدور جديد”ما تقدمه الجزيرة بـ”الصيد في المياه العكرة”، في ظل سعيها المتواصل لتغذية الصراعات وتنفيذ أجندة انتخابية للمرزوقى – حليف الإخوان – بل من المرجح أن تكون للحدث إبعاد خفية دأبت قناة الجزيرة على إتيانها ولم تعد خافية عن احد بشأن تدخلها السافر في الشأن الداخلي التونسي.”في 2011 وجه أيضا رئيس مجلس المستشارين التونسي عبد الله القلال أصابع الاتهام لقناة الجزيرة واعتبر أنها من بين الفضائيات “المعادية” لتونس وقال إنها “استغلت” أحداث ولاية سيدي بوزيد لبث “الأكاذيب والأراجيف والافتراء على تونس…إن قناة الجزيرة “ضربت عرض الحائط بأخلاقيات مهنة الإعلام واعتمدت أسلوب التركيب والمغالطة لبث الأكاذيب والأراجيف والافتراء على تونس”.الملفت للنظر، نشرت العديد من وسائل الإعلام منذ أشهر أن قناة الجزيرة كانت تستخدم صفحة “أمال زروق” للتعبير عن موقف الرأي العام التونسي، وتعتمدها كمصدر رسمي لمواقف الشارع التونسي من رئاسة الجمهورية والحكومة، فهي شخصية غامضة لا تظهر عبر مكالمة فيديو أو الحضور في أستوديو الجزيرة، بل فقط عبر التدوينات.

وفي يوم 28 جويلية/يوليو 2020، تفطنت سيدة تونسية إلى أن صورتها تم سرقتها واستخدامها في صفحة حديثة الظهور، لتكتشف أنه تم استخدام صُورها في صفحة وهمية باسم “آمال زروق” تدعي أنها ناشطة تونسية وأستاذة حقوق، مساندة للنهضة وائتلاف الكرامة.وحسب ما نشرته بعض الوسائل الإعلامية التونسية والعربية أنه بالرجوع إلى جامعة المنار تبين أنه لا يوجد لأستاذة حقوق بهذا الاسم وهي بروفيل وهمي، ورغم ذلك تعتمدها قناة الجزيرة كمصدر رسمي يعبر عن مواقف هدّامة تدعو للتمرد على رئيس الدولة.اتضح حسب العديد من الوسائل الإعلامية أن هذه الناشطة هي صفحة زائفة بصور مسروقة، تم إنشاؤها في جويلية /يوليو2020 لنشر مواقف معادية لرئيس الدولة قيس سعيد، وموقف داعمة للمحور القطري التركي والتدخل في ليبيا ومواقف الحزب الإسلامي النهضة.

أثارت هذه القضية، غضب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التونسي والعربي الذين اعتبروا تمرير محتوى إعلامي مضلل وزائف تهجما على تونس وعلى الدولة دون التثبت من صحة البروفيل. الجزيرة في مسيرتها المهنية شكلت نقطة جذب للشارع العربي… لا تزال هذه المنصة محل ثقةهنالك من الإعلاميين والصحفيين التونسيين يؤكدون إن متلازمة انطلاق القناة مع إنشاء مركز للتدريب الجزيرة شكل نقلة نوعية للعاملين في مختلف مواقعهم وبات مرجعا إعلاميا عربيا متفردا للراغبين في الدخول لمعترك الإعلام .

ويبدو أن اعتماد القناة على شبكة مراسلين ميدانيين يتمتعون بالكفاءة والجرأة في البؤرة الساخنة التي تعطي للأحداث فيها بعدا مختلفا كل ذلك بعيدا عن ميزان الربح والخسارة بقدر ما انزاحت الجزيرة وانحازت لإبراز الحقيقة حيث إن الشارع التونسي في ثورة الياسمين كان له عينا على بلده والأخرى على عين الجزيرة التي وقفت في عين المكان ترصد وتراقب وتحلل مما كان له الأثر الأكبر على معرفة الأحداث وتداعياتها اللاحقة .والجزيرة في مسيرتها المهنية شكلت نقطة جذب للشارع العربي ولعلها باتت مرجعا لأصحاب القرار وكلما ناصفتها قوى الظلام العداء تسمو وتمضي.

وفق ما أكده البعض من الإعلاميين أيضا مايميز قناة الجزيرة في تونس على وجه التحديد هو نقلها لأحداث ثورة 14 جانفي /يناير 2011 بأدق تفاصيلها لتدخل الجزيرة وشبكتها في عمق القضية تفصيلا لا تلميحا ومثلها فعلت في عديد العواصم العربية خاصة مع الثورة الشعبية في مصر وما تلاها في سوريا وغيرها،لقد فتحت قناة الجزيرة باب المعرفة واسعا حيال أحوال الوطن العربي على مختلف المجالات خاصة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية دون لبس أو تدليس . بقي أن نقول إن شبكة الجزيرة باتت العين المفتوحة ليس على الوطن العربي وحده وإنما على العالم كافة ولعل قناتها باللغة الانجليزية ساهمت إلى حد بعيد في معرفة الفكر الغربي وهو ما تم ملاحظته في التغطية الإعلامية في الانتخابات الأمريكية على مدار الساعة،حيث توزعت الجزيرة وشبكة مراسليها على العالم لترصد ولتراقب ولتحلل الأحداث للاستعانة مع الخبراء الاستراتيجيين وذوي الخبرة والدراية والمعرفة للوقوف على واقع الحال ،لا تزال هذه المنصة محل ثقة ،فنجاحها مصدر إلهام للعديد من المؤسسات الإعلامية العربية.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق