دراسات وأبحاث

يوم دراسي للتنمية المستدامة في تونس2030: قراءات مستقبلية””

نظّم مركز البحوث والدراسات في حوار الحضارات والأديان المقارنة بسوسة اليوم الخميس 03فيفري2022 يوما دراسيا بعنوان ” التنمية المستدامة في تونس2030: قراءات مستقبلية “، وأشرف عليه المدير العام للمركز الأستاذ الدكتور محمّد الشتيوي، ونسّق أعماله الأستاذ أنور جمعاوي  وشارك فيه ثلّة من الباحثين قدّموا أربع محاضرات علمية مهمّة هي :

1ـ التنمية المستدامة 2030: مدخل مفهومي ـ أنور جمعاوي

2ـ توطين التنمية المستدامة في تونس(مثال تطبيقي: التصرّف المستدام في المياه)  ـ عبد الرزاق بوشهدة

3ـ أوجه القصور في سياسات التنمية المستدامة في تونس ـ حاتم بن رمضان

ـ  التربية والتنمية المستدامة في العالم النامي ـ مصدّق الجليدي4

المحاضرة الأولى: التنمية المستدامة 2030: مدخل مفهومي ـ( أنور جمعاوي) مركز حوار الحضارات بسوسة

خلال المحاضرة الأولى، بيّن منسّق اليوم الدراسي، الباحث أنور جمعاوي (مركز حوار الحضارات بسوسة) السياق المفهومي والتاريخي لظهور مصطلح التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة بادرت  بإعلان مشروع التنمية المستدامة 2016/2030 الذي اعتمدته الدول الأعضاء الـ 193 بتاريخ 25 سبتمبر 2015، وهو برنامج أممي لتحقيق التنمية الشاملة وعنوانه “تحويل عالمنا: خطة التنمية لعام 2030″، يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الأممي والشراكة الدولية لتأمين تقدم مستدام لا يستثني أحدا. ويضمن إنشاء عالم متوازن، يلبّي حاجيات الجيل الحاضر دون المساس باحتياجات الأجيال المستقبلية، ويأخذ في الاعتبار تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، واحترام حقوق الإنسان والمحافظة على البيئة.

ويروم البرنامج تحقيق17 هدفا  تتمحور حول خمسة مجالات رئيسية  هي: الناس والكوكب، والمقاربة التشاركية والعالمية، وعدم استثناء أي أحد (حتى لا يتخلف أحد عن الركب)، والمقاربة القائمة على حقوق الإنسان، والمقاربة المندمجة للتنمية المستدامة.

وأضاف المحاضر أنّ التنمية المستدامة تتمحّض للدلالة على مشروع تطور شامل، عابر للزمان والمكان، يتميز بالاستمرارية والصيرورة والنجاعة، ويحدث تغييرات كمية وكيفية ايجابية في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية على نحو يساهم في التحسين النوعي لحياة الناس .

ذلك أن التنمية المستدامة  توجه نحو البحث في الاستخدام الرشيد للموارد لسد حاجات السكان، ودعم حركة الإنتاج مع المحافظة على البيئة واستشراف المستقبل، والتصرف في الثروات الطبيعية بطريقة رشيدة لا تضر بمصالح الأجيال القادمة. وتونس من بين الدول التي التي انضمّت إلى هذا البرنامج الأممي، وأعلنت في أكثر من محفل دولي انخراطها في مشروع التنمية المستدامة وسعيها الى تنزيله في الداخل التونسي واعتماده في توجيه السياسات الحكومية والمشاريع التنموية.

لكن أعمال التنمية المستدامة في البلاد التونسية تواجهه عقبات جمة وتحديات عدة.

المحاضرة الثانية توطين التنمية المستدامة في تونس(مثال تطبيقي: التصرّف المستدام في المياه) ـعبد الرزاق  خبير في التنمية المستدامة وجودة الحياة) بوشهدة 

ركز الخبير  في التنمية والصحة المستدامة وجودة الحياة عبد الرزاق بوشهدة على ضرورة توطين التنمية المستدامة في السياق التونسي، وحتمية تطبيق مشروع الأمم المتحدة في هذا الخصوص، مشيرا إلى أن تحقيق النهضة الشاملة يقتضي تحقيق أهداف  التنمية المستدامة في مخثلف المجالات الحيوية، خصوصا ماتعلّق بالتحكّم في الثروات الطبيعية وحسن التصرّف، وفي مقدّمتها الثروة المائية، مبيّنا أن معظم الدول العربية ومن بينها تونس تواجه شحّا في الموارد المائية العذبة، وأنّ الحاجة أكيد لترشيد استغلال المياه، والبحث عن مصادر جديدة للمياه مثل تحلية مياه البحر.

وذلك تأمينا لحاجيات الأجيال الراهنة والقادمة وحقهم في الحصول على ماء عذب، نقي. 

المحاضرة الثالتة: أوجه القصور في سياسات التنمية المستدامة في تونس ـ حاتم بن رمضان(رئيس المنظمة المتوسطية للتنمية المستدامة ) :

 عرض الباحث حاتم بن رمضان(رئيس المنظمة المتوسطية للتنمية المستدامة )مظاهر القصور في السياسات التونسية في علاقة بالتنمية المستدامة وأجندة الأمم المتحدة 2030، مشيرا إلى أنّ  بلادنا أمضت ، مثل بقية  دول العالم،  على هذه الاتفاقية منذ سبتمبر 2015  .

لكنها إلى حدّ الآن  لم تنتهج سياسات واضحة، ناجعة  على أرض الواقع لتجسيدها  إذ لاتوجد استراتيجية وطنية، ولاهياكل مركزية على مستوى الحكومة.

كما لاحظ غياب التنسيق  بين مؤسسات الدولة وضعف التعاون مع منظمات المجتمع  المدني  في هذا الشأن.

لكنّ ذلك لا يمنع من التأكيد على أنّ  الفرص مازالت متاحة لتساهم تونس بجدّية ووفق إستراتيجية مستقبلية واضحة في هذا المشغل الأممي الحيوي.

*المحاضرة الرابعة : التربية والتنمية المستدامة في العالم النامي ـ مصدّق الجليدي (مركز حوار الحضارات بسوسة: (

في المحاضرة الأخيرة، نبّه الخبير في التربية مصدّق الجليدي (مركز حوار الحضارات بسوسة) إلى وجود علاقة  إشكالية بين التربية والتنمية.

فليس من البديهي أن تكون التربية أداة مساعدة على التنمية، إذ يمكن أن تكون المنظومة التربوية في حالة فشل مزمن، وليس من البديهي أن تكون التنمية عاملا مساعدا على تطور المنظومة التربوية، ففي حالة وجود منوال تنموي غير ملائم أو تابع للقوى المالية الأجنبية، قد تواجه المؤسسة التربوية صعوبات جمة في التمويل وحتى في الاختيار الموفق لمقاربتها التربوية واختياراتها البيداغوجية. ، مضيفا أنّ عديد الدراسات (مثل مجمل أعمال باولو فريري حول التربية، وسمير أمين حول نظرية المركز والأطراف، وإيفان إليتش حول علاقة البيداغوجيا بالمحيط الاقتصادي والتنموي، أو دراسات حسن حسين البيلاوي حول علاقة التربية بالتنمية) بينت أن التنمية لا تكون رافدا للتربية إلا في المجتمعات المتحررة من الوصاية الخارجية ومن علاقات القهر الداخلي والخارجي، أي المجتمعات ذات التوجهات السياسية والتنموية السيادية. لأنه في غياب ذلك، لا تكون المؤسسة التربوية سوى أداة من أدوات خلق وتوسعة الأسواق وجمهور المستهلكين للمنتجات الأجنبية، وتوفير العمالة الفنية المتوسطة لصالح الشركات العابرة للقارات.

أما العناصر الوطنية الكفأة فهي معرضة في الغالب لظاهرة هجرة الأدمغة، نظرا لضعف قدرة المنظومة السياسية والاقتصادية والإدارية والبحثية على استيعابهم والاستجابة لحاجاتهم وطموحاتهم.

وهو ما يعني في النهاية وجود علاقة جدلية بين التربية والتنمية: لا منوال تربوي وطني سيادي من دون منوال تنموي متحرر من الوصاية الخارجية يغني المؤسسة التربوية عن التمويلات الأجنبية المشروطة على حساب المصالح الوطنية، ولا تقدم للتنمية من دون منظومة تربوية وتكوينية وبحثية متطورة ومرنة ومتماسكة ومشبعة بقيم العمل والإبداع والانضباط والوطنية.

ولكن المنظومة التربوية وحدها لا تكفي لتحقيق تنمية وطنية سيادية، إذ لا بدّ من وجود تعبئة اجتماعية وروح وطنية حول مشروع وطني سيادي متجذّر في البيئة المحلية والثقافة الوطني. وإلى جانب هذا الشرط النفسأجتماعي والثقافي، لا بدّ من توفرّ الشروط المادية والفنية للإنتاج الوطني وحسن استغلاله من تكنولوجيا حديثة وإدارة عصرية وحوكمة رشيدة.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق