التقرير الأولي حول ملاحظة عملية التصويت على سحب الوكالة من نائب محلي بدائرة القواسم الغربية و شربان بولاية المهدية

تابع مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، بصفته مكونًا من مكونات المجتمع المدني المختص في ملاحظة الانتخابات، سير عملية التصويت على سحب الوكالة من نائب محلي بدائرة القواسم الغربية – شربان من ولاية المهدية التي أُجريت يوم الأحد 28 سبتمبر 2025. وقد تمت الملاحظة عبر نشر 3 ملاحظين و2 منسقين تواجدوا موزعين على مركزي الاقتراع: المدرسة الابتدائية القواسم والمدرسة الابتدائية حي الرياض.
كما أقام المرصد قاعة عمليات مصغرة بمقره بتونس العاصمة لمتابعة العملية بصفة حينية، مع منسقيه وملاحظيه وأصدر بلاغين إعلاميين يوم التصويت تضمنا أبرز الملاحظات المسجلة.
أولا: أهم الملاحظات قبل يوم التصويت
تم تقديم عريضة سحب الوكالة من 346 ناخبا وناخبة من جملة حوالي 3317 ناخب وناخبة المسجلين بالدائرة الانتخابية، أي بنسبة تفوق ال 10%. علما وأن القانون ينص على أن نسبة الموقعين على عرائض سحب الوكالة يجب أن تكون على الأقل 10% مقارنة بالجسم الانتخابي. الموقعون على العريضة ذكروا الأسباب التي كانت وراء توقيعهم على سحب الوكالة من النائب وهي كالآتي:
- الإخلال بواجب النزاهة في أداء مهامه.
- التقصير في القيام بواجبه النيابي.
- عدم بذل اي جهد لتحقيق برنامجه الانتخابي.
- بث الفتنة وتخويف المواطنين.
- استغلال صفته النيابية لتصفية حسابات شخصية.
- إثارة المشاكل مع كل مكونات المجتمع المدني في الجهة.
- الاصرار على ملاحقة معارضيه وتعطيل مصالحهم.
- تعطيل عمل المؤسسات بالمنطقة وبث الفوضى والبلبلة.
- القذف العلني عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
- تشويه المواطنين باطلا.
- افشال الاجتماعات بالمنطقة.
- عدم احترام الإدارة والمؤسسات.
ما يلفت الانتباه بعد إيداع عريضة سحب الوكالة هي النقاط التالية:
- بعض الاتهامات التي ذكرت في عريضة سحب الوكالة ترتقي إلى جرائم جزائية ولكن بقيت في حدود المطالبة بسحب وكالة المعني بالأمر من المجلس المحلي.
- قام المعني بالأمر بالطعن في عريضة سحب الوكالة أمام الدائرة الإبتدائية الجهوية للمحكمة الإدارية بالمنستير وقد قوبل طعنه بالرفض شكلا ضرورة أن أجل الطعن يسري منذ نشر عريضة سحب الوكالة من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وليس من تاريخ إعلام المعني بالأمر من طرف الهيئة.
غير أن الفصل 27 جديد فقرة 2 من المرسوم عدد 55 لسنة 2022 جاء فيه أنه ” يتم الطعن في أجل أقصاه يومان اثنان من تاريخ الإعلام بالقرار أو التعليق، …”.
كما أحال قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 281 لسنة 2024 مؤرخ في 14 فيفري 2024 يتعلق بضبط شروط وإجراءات سحب الوكالة في الفصلين 10 و11 إلى نفس الشروط والإجراءات المنصوص عليها بالفصول من 27 إلى 30 من القانون عدد 16 لسنة 2014 المتعلق بالإنتخابات والإستفتاء. - حملة انتخابية باهتة من الطرفين.
ثانيا: أهم الملاحظات يوم التصويت
- عملية التصويت تمت في الوقت المحدد وفي ظروف عادية.
- اقبال الناخبين كان ضعيفا في الصباح ثم ارتفع نسبيا بعد الساعة الواحدة مساء، في حين بقيت نسبة مشاركة فئة الشباب ضعيفة.
- تدافع في الفترة المسائية بمركز القواسم التي يوجد بها مكتب وحيد به 2810 ناخبا مسجلا مما استوجب إضافة خلوة ثالثة، وقد كان من الاجدر تخصيص مكتب تصويت ثان حتى لا يتم تجاوز سقف 1500 ناخب في كل مكتب.
- مركز حي الرياض : مكتب وحيد به 507 ناخب مسجل، مع غياب ممرات خاصة بذوي الإعاقة.
- قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعمليات سبر أراء اختيارية للناخبين إثر مغادرتهم المكاتب وذلك بطلب تضمين اختياراتهم على لوحات رقمية معدة للغرض. ويكرر المرصد موقفه من أن عملية سبر الآراء ليست من مهام الهيئة لأن في ذلك مساسا من المبادئ الانتخابية وأساسا مبدأ سرية التصويت.
- حضور واضح لممثلي الطرفين، مع غياب كلي لملاحظي بقية الجمعيات المعنية بالشأن الإنتخابي.
- تسجيل تغطية إعلامية محدودة رغم أهمية الحدث.
- تمّ غلق مركزي التصويت في التوقيت المبرمج وفي ظروف طبيعية.
ثالثا: الاحصائيات والنسب حسب هيئة الإنتخابات
- العدد الجملي للناخبين المرسمين بالدائرة المعنية: 3317.
- عدد الموقعين على عريضة سحب الوكالة: 346.
- العدد الجملي للناخبين الذين قاموا بالتصويت: 988 (29,8%).
- العدد الجملي للاصوات المصرح بها: 925.
- عدد الاوراق الملغاة: 53.
عدد الاوراق البيضاء: 10. - العدد الجملي للمصوتين بــ ” نعم ” لسحب الوكالة: 427.
- العدد الجملي للمصوتين بــ ” لا ” لسحب الوكالة: 498.
النتيجة النهائية: لم يتم سحب الوكالة.
رابعا: قراءة المرصد للمعطيات
يعتبر مرصد شاهد أن حضور 988 مواطنا فقط من جملة 3317 ناخبا وناخبة، أي بنسبة لم تتجاوز 30%، يمثل مشاركة ضعيفة ويعكس ضعف التعبئة الشعبية للتصويت بـ” نعم ” أو بـ ” لا “. وقد كان من المتوقع أن تشهد العملية نسبة مشاركة أوسع خصوصا لدى الشريحة المجتمعية الداعية لسحب الوكالة، ولكن عددها زاد ب81 شخص فقط على ال346 ناخبا الذين أمضوا على العريضة، وهو ما يجعلنا نتساءل بقوة على جدية الاتهامات الموجهة للنائب وأيضا على عزوف المواطنين على التصويت، ولو كان الرأي العام متأثراً بقوة بهذه التهم لكانت نسبة الاقبال أكبر بكثير مقارنة بأهمية هذا الحدث التاريخي، هذا دون نسيان استمرار عزوف الشباب عن هذا النوع من الاستحقاقات.
خامسا: الإشكاليات المطروحة
يرى مرصد شاهد وان الإجراءات الحالية المنظمة لسحب الوكالة تطرح الإشكاليات التالية:
- الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تكتفي بقبول عرائض سحب الوكالة من حيث الشكل فقط، دون النظر في المضمون أو التثبت من جدية الاتهامات الموجهة للنائب. هذا الاكتفاء بالشكل فقط يجعل من السهل تقديم عرائض أخرى لسحب الوكالة حتى وإن استندت إلى اتهامات غير مدعومة بأدلة.
- القبول الشكلي وحده دون بت في المضمون قد يؤدي إلى إهدار للمال العام، علما وان كل نجاح طلب لسحب للوكالة يفرض تنظيم انتخابات جزئية جديدة، بما يترتب عنه من تكاليف مالية إضافية على ميزانية الدولة.
- الإطار القانوني الحالي لسحب الوكالة يجعل كل نائب محلي مهدداً بإمكانية سحب وكالته في أي وقت حتى لو كانت الإتهامات المنسوبة إليه غير جدية وحتى لو كان حجم المشاركة ضعيفاً.
- محدودية صلاحيات النائب المحلي تجعل اتهامه بالتقصير سهلة وبالتالي هي تسهل طلبات سحب الوكالة من جهة، ومن جهة أخرى تفسر ضعف اهتمام الناخبين بهذه العملية لعدم شعورهم بتأثير مباشر لأداء النائب على حياتهم اليومية.
سادسا: التوصيات:
بعد ملاحظة عملية التصويت على سحب الوكالة، فإن مرصد شاهد يوصي بالنقاط التالية:
- إيجاد آلية للنظر في مضمون طلب سحب الوكالة وتحدد مدى جدية ومشروعية هذه المطالب، بما يساهم في الحد من كثرة العرائض غير الجدية وعدم استعمالها كوسيلة لتصفية الحسابات، حفاظا على إستمرارية المجالس المنتخبة وعلى المال العام.
- مراجعة نظام التصويت على سحب الوكالة بما يتلاءم مع خصوصية كل استحقاق انتخابي.
- اعتماد نظام اقتراع يراعي خصوصية التجربة الديمقراطية الناشئة في تونس ويوفر جميع الضمانات والتحفيزات التي تؤدي إلى مشاركة وتواجد أكبر لفئات المرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي الختام، يجدد مرصد شاهد التزامه بمتابعة سير مختلف المحطات الانتخابية وتقديم التوصيات الكفيلة بتحسين جودة المسار الانتخابي وتعزيز ثقة المواطنين فيه.