حوارات

 ألفة العبيدي لـ”الإعلام الجديد” تونس في القلب وهي نورس فوق الموج الثوري المتلاطم

“هكذا يمكن ان نقدّم لهذه المبدعة التي إنتشينا معها شعرا من خلال مجموعاتها “هذه القيود تحررني” و”نورس فوق الموج المتلاطم” و”الى رجل مهم” و”نهد الكلمات” فهي صوت شعري شاعري رومانسي حالم استطاع أن ينحت مسيرته بكل هدوء محلّقا عاليا في الأفق الرحب بعيدا عن الضوضاء مما أهّلها لصياغة مدونة ابداعية خاصة متفرّدة قريبة ببساطة لغتها ومصطلحاتها من ذات الانسان لأنها تغوص في أعماقها في لحظات انتشاء روحاني إبداعي شفّاف.

 ولأنها والى اليوم وبعد سنوات من العطاء لازالت نهرا لا ينضب معينه تكتب الحياة في أجلّ مظاهرها وتصوغ أحلى قصص الحبّ الخالد في لحظات تجل وصفاء روحي جلسنا معها في هذا الحوار الصحفي لتفاجئنا ألفة العبيدي بطموحها الفني الجامع .

حيث عبّرت لنا أنها تطمح إلى التعامل مع كاظم الساهر وتحلم أن تتعامل مع أم كلثوم لو كانت حية كما استحضرنا بالمناسبة مع ضيفة حوارنا بعض الذكريات عن عدد من أعمالها فعملها الفني “هنا تونس”والذي كان عرضا غنائيا شعريا من كلماتها كان مناسبة لبروز الفنانة الشابة سهير خالد .

وهو عرض يحكي عن المراحل التاريخية التي مرّت بها تونس من البربر والأمازيغ إلى انتشار الإسلام والاستقلال والعولمة والثورة في عرض جمع بين معرض صور تروي تاريخ تونس وباليه رقص .

كما إستحضرنا معها ذاكرة عملها الفني”رسالة الى قرطاج” وهو عرض فني في شكل كوميديا موسيقية مصغّرة جمعها بالفنان بشير الزمامي ويحكي هذا العرض ضمنيا عن وضع المرأة في تونس حيث شاركت فيه ألفة العبيدي وهي صاحبة الفكرة بأشعارها وبإنتاج العمل وفي تجسيد ركحي للعمل وإخراج الأستاذ بشير الزمامي وهو أستاذ موسيقى متحصّل على الأستاذية من المعهد العالي للموسيقى و على الماجستير في الدراماتورجيا الموسيقية.

 فكانت هذه الرسالة القرطاجنية حوارا بين 3 شبّان تونسيين اختصاصهم الرسم على الجدران وبين شخصيات من عصور مختلفة وهم “علّيسة” و”الكاهنة البربرية” و”الطاهر الحداد”.

 حيث يلتقون ببعضهم البعض في مقهى “لونيفار” ويتحاورون بحضور نادل المقهى ليكون العمل حوار حضارات عبر ركح كان فسيفساء فنية جمعت المسرح بالموسيقى والفن التشكيلي والشعر والرقص، والصورة لتتشكل في نهاية العرض لوحة فنيّة تخللها حوار شعري وموسيقي ومسرحي ضمن كوميديا موسيقية كانت أقرب الى المسرح الغنائي و”رسالة الى قرطاج”حسب محدثتنا.

 والذي عرض بمهرجان القلعة الكبرى ومهرجان تبرنق بغار الدماء وبومهل ورواد و سيدي ثابت وتطاوين وتاكلسة ومهرجان ليالي الوردية وغيرها من المهرجانات ألقت من خلاله الشاعرة ألفة العبيدي بعض قصائدها ذات المنحى الثوري وتداول خلاله على الغناء كل من الفنانين يوسف و سارة النويوي ومكرم غنام ضمن انتاج فني بانورامي جسّده من خلال الرقص التعبيري الفنان رستم الغربي ووجّه العرض رسالة الى العالم فيها تعريف بتاريخ بلادنا والحضارات التي تعاقبت عليها وفيه دعوة للحب والتعايش بسلام .

وهو ما جعل الجمهور خلال مختلف سهرات هذا العرض بعدد من مهرجاناتنا الصيفية يتفاعل معه تفاعلا كبيرا ليترجم مدى نجاحه ومدى حاجة الجميع لمثل هذه العروض الهادفة التي لا تعول على الصخب بقدر ما تعمل على إيصال رسالة بأسلوب إبداعي راق ومتميز يؤكد مرة أخرى أن للشعر جمهوره متى أحسن الشاعر توظيفه ضمن عمل متكامل وضمن فسيفساء فنية تجمع بين الشعر والغناء والرقص والتعابير الجسمانية الحركية .

كما إستحضرنا خلال لقائنا هذا عددا من ذكريات ضيفتنا مع عالم الفن السابع الذي دخلته عبر الإنتاج السينمائي من خلال فيلم “زهر البهجة” للمخرج مروان المولدي والذي نال ى الجائزة الأولى في مسابقة السيناريو بمهرجان قليبية للسينمائيين الهواة لتعتبر محدثتنا ان ولوجها لعالم السينما كان من باب البحث عن الذات بتنويع التجارب و تطويرها وكان أيضا من باب التعاطي مع موضوع الأمهات العازبات في تونس وهو موضوع مسكوت عنه على خطورته بالمعنيين الإصطلاحيين .

وأكيد لن يمرّ حوارنا دون إستحضار عرضها الموسيقي الشعري”تونس في القلب”الذي عرض بمدينة جنوة الايطالية في إطار الحملات الترويجية للسياحة التونسية و بدعوة من القنصلية التونسية بجنوة تحت إشراف القنصل ناصر بن سلطانة لتختار ألفة العبيدي وكعادتها ومن خلال مختلف انتاجاتها الانتصار للوطن بأوجاعه وببحثه عن هويته الضائعة في الزحام وسعيا نحو وطن افضل يكون كما تريده محدثتنا شامخا يتوق الى معانقة الشمس بعد التخلص من كل الادران التي جعلت صباحاته الجميلة حزينة .

فكان هذا العمل بالفعل ملحمة ابداعية شعرية موسيقية تنتصر للوطن بكل صدق وصفاء ونخوة واعتزاز وأكدت الفة العبيدي من خلال لقائنا هذا ان قدرها انها اختارت تأسيس مملكتها الابداعية الخاصة بها والتي كان ومازال حجر الاساس فيها الوطن، الذي مازال يئن تحت وطأة الانتظار لغد اكثر صفاء واشراقا بعد ثورة 14 جانفي لتختار في النهاية التأسيس لثقافة ابداعية تنتصر للحب والتفاؤل والحياة في وطن جميل وعبر قصة فيها تجديد وبحث وتوق اكثر الى الارقى والافضل والاجمل.

ولأن الفة العبيدي ترفعت وأعلنت التمرد على السائد المستهلك الممجوج فانها صاغت من خلال مختلف إنتاجاتها الفنية ملحمة متفردة تخلت خلالها وعن طواعية عن كل احلامها كإمرة تنشد الاستقرار و اختارت ان تكون احلامها في حجم وقيمة الوطن الذي تريده.

 و أعلنتها صراحة انها صاحبة مشروع لثقافة بديلة تنهي رسميا عهد الولاءات وتقصي العدالة في كل ما له علاقة بالشأن الثقافي لتقولها بكل حبّ وصدق وحلم: “تونس كي تتكلم كيف تسلم ديما تضحك ديما تعزف ع الوتر ما تشكيش، ما تبكيش وما تقولش ما عندي زهر ضحكتها، تبكيها كليمة ويعجبها كي تجاوز غيمة كي تحس بلحظات حزينة تغسلها قطرات مطر تزين بالنوار احلامها المحبة اسمها وعنوانها وكي تحكي ترسم في كلامها تصويرة نجمة وقمر.

” وعن رسالتها الى وزير الشؤون الثقافية الدكتور محمد زين العابدين قالت ألفة العبيدي انها تتوسم كل الخير في الوزير وتدعوه للحسم دون رجعة في كل من له مصالح ضيقة على حساب الابداع الصادق الذي يؤسس للحياة الكريمة بعيدا عن المحسوبية .

كما دعت محدثتنا حكومة الوحدة الوطنية الى ان ترتقي بوزارة الشؤون الثقافية الى وزارة سيادة مؤكّدة ان التاريخ بيّن للجميع ان كل ثورات العالم حماها المثقفون وعن ما يطلقه عنها آل الابداع من انها “إمرأة حديدية” قالت محدثتنا ان هذه الصفة رسمتها هي لنفسها قولا وفعلا لحماية نفسها وأنوثتها في زمن تكره فيه صفات الغدر والنفاق لإيمانها أن “الصديق هو من يهدي لي عيوبي”.

 كما قالت إن ما يشدها في الرجل شهامته وصفاءه الذهني ورجولته فالمرأة عندها” لابد أن تكون لبؤة في حبها والرجل أسدها” .

هكذا هو الحب بالنسبة لألفة العبيدي التي تعتبر كذلك ان”الحرية مسؤولية وليست استهتارا” هكذا كان لقاؤنا مع الشاعرة ومنتجة الأعمال الفنية الثقافية وصاحبة مؤسسة لإعداد التظاهرات الثقافية ألفة العبيدي والتي تعتبر واحدة من أكثر الشاعرات التونسيات حركية ونشاطا وخروجا عن السائد .

حيث خرجت بشعرها من طريقة الإلقاء المعهودة إلى تقديم عروض تجمع بين الشعر والموسيقى والغناء والرقص التعبيري مع الاشتغال في كل مرة على موضوع له علاقة بالوطن في ربط للتاريخ بالواقع لذاكرتها السياسية لتستحضر ذاكرة سنة 1998 وهي صغيرة عندما كنت حاضرة في أحداث سليانة وكان ابوها وقتها كاتبا عاما للإتحاد الجهوي للشغل فكان من الطبيعي أن تؤثر فيها تلك الأحداث و الصفة النقابية لوالدها .

كما تستحضر الفة العبيدي ذات ذاكرة حالة الحصار الابداعي الذي عرفته زمن رئاسة المرحوم الميداني بن صالح لاتحاد الكتّاب التونسيين والذي رفض طلبها الانخراط ضمن هياكل الاتحاد لأنها كنت أكتب آنذاك في مجلة “الملاحظ” لتقرر منذ ذلك الوقت اعتبار نفسها كما قالت”رئيسة اتحاد كتاب ذاتي”وهكذا باداعها ورقيه وبمواقفها الجريئة وتحديها وبجديتها وإيمانها العميق بنيل رسالتها الفنية التي وهبت لها كل مهجتها كسبت صاحبة عرض”زيارة ونيارة” الرهان وهي المبدعة والشاعرة الهادئة، التي اختارت ركوب زورق الابداع الفني ليس لغاية الاسترزاق منه وليس للتجارة والمتاجرة فيه بل إنه عشق وسعي لتقديم أحاسيسها الابداعية الكامنة بداخلها في عالم ابداعي تعشقه حدّ الذوبان فيه.

 لتختم ألفة العبيدي حوارنا بالقول”ما يهمني في أي عمل إبداعي هو الاضافة والتجديد والمساهمة المتواضعة في التأسيس لذائقة إبداعية تقطع مع الاثارة الرخيصة بحثا عن المال في ظل ساحة ابداعية تعاني من المرتزقة على حساب الذوق الرفيع الذي يرتقي بالمتلقي إلى الأرقى والأفضل والأجمل في الحياة فكل أعمالي وأشعاري أهب لها كل مهجتي وأسعى أن تكون معبّرة بصدق عن أحاسيسي” .

كما وجّهت ألفة العبيدي عبر لقائنا الصحفي هذا رسالة الى وزير الشؤون الثقافية فحواها تذكير سيادته بمقترح مبادرتها لبعث قطب ثقافي لذوي الاحتياجات الخصوصية يكون مقرّه “مدينة الثقافة”بما سيمكّن حسب ما أفادتنا هذه المبدعة في المجالين الأدبي والإعلامي والغنائي “ذوي الاحتياجات الخصوصية من ممارسة النشاط الثقافي في كل مجالات الإبداع والفنون والثقافات من موسيقى ومسرح وفنون تشكيلية وتصوير فوتوغرافي وتأليف قصصي وإبداع شعري.

 لتؤكّد ألفة العبيدي من خلال رسالتها هذه ثقتها الكبيرة في الدكتور محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية وفي حسّه الانساني الذي عرف به قبل ان يكون وزيرا في دعمها وإسنادها والانطلاق في تجسيدها خصوصا وان الفضاء متوفّر وأن هناك ارادة سياسية من حكومة الوحدة الوطنية للاهتمام والعناية بهذه الشريحة من المجتمع تكريسا لمبادئ دستور الجمهورية الثانية ومن منطلق قناعتها أن رقي المجتمع مـشروط بتأمين عدة مقومات.

 و من ضمن هذه المقومات تشريك المعوق في الدورة الثقافية و في كل المفاصل الحياتية كما نعتبر ان هذه المبادرة وهذا المقترح مهم وراق جدا ومن منطلق الحس الرفيع لصاحبتها .

وهي بادرة يمكن ان تأخذ صيتا عربيا تنتهجه كل الدول العربية في الختام نذكر انه من اخر انشطة ضيفتنا في هذا الحوار تنسيقها لبادرة مهمّة تحسب لوزارة الشؤون الاجتماعية ونهلا على نظيرتها وزارة الشؤون الثقافية وبمنطقة أريانة من خلال افتتاح الموسم الثقافي لمنظوري هذه الوزارة من ذوي الاحتياجات الخصوصية و بصفتها المنسّق الثقافي بالادارة الجهوية للشؤون الاجتماعية بولاية أريانة أشرفت ألفة العبيدي على تنظيم مجموعة من الورشات أثثها المنتمون الى النوادي والجمعيات التي ترعى هذه الفئات ذات الخصوصية من الاطفال والشباب ضمن خيام فنية تضمنت ورشات في الحرف والفنون والصناعات التقليدية والبراعات اليدوية .

كما قدّمت مجموعة من المسرحيات والسكاتشات من انتاجهم الى جانب تأثيث الحفل بعروض موسيقية وفنية واختتامه بتكريم عدد من الفاعلين في الحقلين الثقافي والاجتماعي في موكب تمّ بالشراكة بين وزارتي الشؤون الثقافية والشؤون الاجتماعية ويظلّ أمل محدثتنا في النهاية تشريك ذوي الاحتياجات الخصوصية ومن خلال إنتاجاتهم الابداعية والفنية في برنامج إفتتاح “مدينة الثقافة” يوم 20 مارس المقبل وفي اطار الاحتفال بالذكرى 62 لعيد الاستقلال.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق