المنظمات

“ندوة دولية بالحمامات حول “الطبقة الوسطى فى البلدان العربية التحولات والرهانات والتغيرات السوسيو ثقافية “

وتبحث هذه الندوة التي تتواصل على مدى ثلاثة ايام عدة مواضيع ذات صلة  بواقع الطبقات الوسطى في البلدان العربية مفهومها  واتجاهاتها  وتشكلها تاريخيا وتطور اهميتها  الاقتصادية والثقافية والاجتماعية  فضلا عن علاقتها بتجارب التحول الديمقراطي في عدد من هذه الدول العربية.

وفى مداخلة  بعنوان “الطبقة الوسطى فى تونس، المفهوم والمعايير المعتمدة ” اشار الباحث التونسي  بمعهد المناطق القاحلة بمدنين رياض بشير الى ان الطبقة   الوسطى في تونس شهدت تدحرجا كبيرا خلال العقدين الاخيرين  حيث تراجع حجمها من 83 في المائة سنة 2005 الى 63  في المائة فقط سنة 2015  نتيجة عدة اسباب منها  ارتفاع معدلات التضخم وتدهور القدرة الشرائية  لهذه الطبقة وارتفاع مديونتها وخاصة غياب عدالة  اجتماعية  وجبائية حقيقية، مقابل اتساع حجم الطبقة الميسورة  (معدل انفاق سنوي  يتجاوز 4500 دينار ) نتيجة عدة عوامل منها  تنامي ظاهرة التهرب الضريبي  وارتفاع  افة  التهريب الذي ادى الى بروز اثرياء جدد.

واضاف  ان هذه الطبقة الوسطى  لعبت دورا هاما خاصة  في ما يهم تمويل الموارد الجبائية للدولة وبالتالي تمويل انجاز مشاريع الخدمات العامة (الصحة، التعليم)  في البلاد وفى المقابل فان نوعية هذه الخدمات  (ومنتسبو الطبقة الوسطى هم المستفيدون الاولون منها)  بقيت متواضعة  ولم ترتق لتطلعات هذه الطبقة .

وختم بالإشارة الى ضرورة الانتباه الى المخاطر التي تحقد بهذه الطبقات وبدورها السوسيو اجتماعي  الهام والمحوري في التوازنات المجتمعية وخاصة معالجة ظاهرة التضخم وارساء عدالة جبائية والتقليص من التفاوت التنموي بين الجهات الداخلية.

الباحث المغرب احمد ادعلي اشار في مداخلة بعنوان “الطبقة الوسطى بالمغرب الملامح والرهانات” الى ان  العديد من البحوث والدراسات  المغربية التي  تناولت هذه الطبقة تكاد تجمع على ان  الاهتمام بها  كان محل  مزايدات سياسية ايديولوجية  مما ادى الى اتساعها  وتضخمها  وانه  تم  “التلاعب” بالمعاير والضوابط  المحددة لمفهوم  هذه الطبقة لغايات مبيتة

واضاف ان العديد من السياسات الاقتصادية  قد اضرت بهذه الطبقة من ذلك اقرار ضرائب جديدة وارتفاع اسعار المواد الاساسية  وكذلك ارتفاع معدلات مديونيتها  وتقلص فرص نفاذها الى موارد الاقتراض  وهو  مع  عمق من  ارتهان هذه الطبقة للوبيات السياسية.

الاستاذ نوي الجمعي من الجزائر اوضح انه يصعب تحديد مفهوم الطبقة الوسطى في بلاده لان هذه الطبقة كانت محل رهان سياسي وهي اشبه ما يكون ب”الزبون” السياسي وان اغلب الدراسات التي تطرقت الى موضوع الطبقات الوسطى ركزت على جوانب الكم واهملت جانب المواقف وخاصة دورها في عمليات التحول الديمقراطي التي شهدتها بعض الدول العربية

وبين ان جزء هام من الطبقة الوسطى  في الجزائر  (التي تم تحييدها  سواء من حيث الترفيع في الاجور او  تمتيعها بحوافز عينية)  اعاقت نسبيا التحول الديمقرطي وبرزت بعزوفها عن الحياة السياسية ومتابعة الشأن العام.

وكان مهدي مبروك  مدير المركز العربي  للابحاث ودراسة السياسات  فرع تونس قد اشار قبل ذلك الى ان انعقاد هذه الندوة هو تتمة لمجموعة من الندوات عقدها المركز فى وقت سابق على غرار  ” الفقر و الفقراء” و السكن الهامشي  والتي انتهت الى جملة من النتائج العلمية لعل أهمها أن سياسات مكافحة الفقر والتهميش بقطع النظر عن المناهج و الأساليب و الأوليات  تقتضي ضرورة  توسيعا  للطبقات الوسطة  وتنشيط المصاعد الاجتماعية والمهنية   ascenseurs sociaux  les   التي ترفع هذه الشرائح وتخرجها من تلك الفضاءات لتلحقها الى  عالم الطبقات الوسطى..

واضاف ان  أهم الدراسات الاكاديمية المرموقة وتقارير المنظمات الدولية تكاد تجمع على هذا النزوع المتنامي عالميا على وسطنة  هيكلة الطبقات الاجتماعية وانه خلال السنوات القليلة القادمة ستكون لنا حسب تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية طبقة وسطة عالمية/ معولمة تقدر الإحصائيات  انها ستظم حوالي ملياري شخص.

وبين ان  الرهان على هذه الطبقات قد فشل خلال العقود الأخيرة في  بعض الدول العربية وفي تونس تحديدا، لسبيين رئسيين : تصور يختزلها في خزان لضخ المشروعية السياسية دون اشباع  تطلعاتها نحو الديموقرطية والحرية  ومضايقتها وخنقها من قبل طبقات هجينة تمعشت من التهريب و الفساد  و ذلك ما افقد النظام السياسي حزاما مهما وهو الذي سمنها منذ بداية التسعينات  لمساندته. 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق