لا يمكن إنكار أهمية المجتمع المدني في عملية التطوير الديمقراطي في تونس من خلال التشاركية في صياغة السياسات العامة وسن التشريعات، لذا فإن تطوير العلاقة بين المجتمع المدني ومجلس نواب الشعب ومأسستها أصبحت ذات أهمية قصوى من اجل النهوض بإصلاح سياسي متكامل وتحقيق التنمية المستدامة. فتطوير وتعزيز العلاقة بين المجتمع المدني والبرلمان، يعني خلق فضاء جديد لفكرة المشاركة، التي لم تعد تعني فقط الإدلاء بالتصويت أثناء الانتخابات.
لأن السلطة التشريعية الآن أصبحت متابعة من طرف المجتمع المدني الذي فوضها في مرحلة ما، وهو الآن يريد التواصل معها وهذا لا يعني التفكير في إسهام المجتمع المدني في العمل التشريعي بشكل من الأشكال أو العودة إلى الديمقراطية المباشرة كما عرفتها اليونان القديمة .
ان التفكير في العلاقة بين مجلس نواب الشعب ومنظمات المجتمع المدني، يوجد أساسا داخل مسار العملية الديمقراطية وليس خارجها، كما أن إمكانية مساهمة هيئات وممثلي المجتمع المدني في العمل البرلماني ( دور رقابي،تقييمي…) كأحد المؤشرات الحاسمة والأساسية في تقييم أهمية الوظيفة التشريعية.
فالمتأمل في تجربة البرلمان الأوروبي و خاصة القواعد المتعلقة بتدبير مجموعات المصالح و كذلك تجربة الكونغرس الأمريكي في تقنين ممارسة هذا العمل في إطار قانون 1946 و بشفافية أكبر في ظل القانون الحالي Lobbying disclosure act لسنة 1995 الذي يعتبر lobbying مهنة قائمة الذات و يتعين تسجيل ممارسيها بادارة مجلس النواب و مجلس الشيوخ .
مما يقتضي التفكير في مدونة أخلاقيات لممارسة الضغط من أجل ضمان الشفافية و معرفة شروط الولوج إلى صانعي القرار المتعلق بالمؤسسات العمومية (و هنا يمكن أن تكون تجربة الكونغرس الأمريكي في مجال إعداد دليل تطبيقي لقانون lobbying بعنوان “Guide to the lobbying disclosure act” مفيدة) .
كما يمكن أيضا التفكير في إنشاء مركز مندمج للمعلومات و المصادر التشريعية على غرار Législative resource center بمجلس النواب الأمريكي الذي يقوم بتجميع و توفير الوثائق المتاحة لإطلاع العموم خاصة منها المتعلقة بالتدبير الإداري و المالي ل lobbying .
و هكذا يمكن الاستلهام من هذه التجارب لبناء اقتراح مفاده مثلا ماسسة هذه العلاقة عبر المجلس البرلماني الاعلى لمنظمات المجتمع المدني (على غرار ما وجد باليمن) او المرصد المغربي للعمل البرلماني.
