الأدب

أكبر كذبة تاريخية :سجن الباستيل

تقوم فرنسا بالإحتفال كل عام في 14يوليو/تموز احتفالا بإحتقام سجن الباستيل(الحصن المنيع) وتعتبر سقوطه شرارة لإندلاع الثورة الفرنسية وتعد هذا اليوم رمزا للجمهوزية الفرنسية وعطلة رسمية لدولة الفيدرالية ويطلق على هذا اليوم (يوم الباستيل)
فما هي حقيقة سجن الباستيل؟
تقول الرواية الرسمية إن آلاف الفرنسيين توجهوا إلى مركز العاصمة باريس لإحياء مظاهرة بالقرب من سجن الباستيل المخصص لإعتقال المجرمين ومعارضي الملك وكان المتظاهرون يعارضون بشدة احتمال عودة الملك إلى السلطة ويعترضون على إقالة وزير المالية المحبوب شعبيا .

وهنا بدأ المتظاهرون يتعرضون لإطلاق النار من حراس السجن مما أسفر عن وقوع مئات القتلى ومئات الجرحى أيضا وأن الغليان الشعبي دفع من تبقى من المتظاهرين إلى الإقدام على بطولة اقتحام السجن وتحرير من فيه وإعلان نهاية حكم الطاغية وبداية عهد جديد تسوده العدالة والمحبة.
هذه هي الرواية الرسمية ولكن لنعود لنشئة الباستيل أولا ونتعرف عليه لنكتشف حقيقة سجن الباستيل ،حيث وضع حجر الأساس في عهد (شارل الخامس) أو شارلكان ووضع الحجر عمدة باريس في عام 1370م.
وأنشئ الباستيل في فرنسا لدفاع عنها واسمه الحقيقيLa Bastide الباستيد وهي تعني الحصن باللغة الفرنسية.
وكان لحماية باريس مكان السور عند باب سانت من الشرق وباب سان دنيس Saint Denis وسان مارتان Sai Martin بعد هزيمة بواتيهPoitiers وتم أسر الملك جان الطيب Jean Bon عام 1356م ،حيث أن الملك يحتاج للأموال لبناء هذا الحصن ولكن أتيين مارسيل Etienne Marcel وهو نقيب التجار ومن أغنى رجال باريس ويصفه المؤرخون بأنه أب من أباء الديمقراطية لأنه وقف في وجه الملك وكان سبب اعتراضه شخصيا وكان يجهز لإستيلاء شارل الشرير على العرش والتوطيد لنفوذ الإنجليز.

وتم إغتيال أتيين عند باب سانت أنطون عام 1358م حيث أقيمت قلعة الباستيل ،حيث استمر بناء الباستيل 12 سنة ويتألف من ثمانية أبراج بإرتفاع 24مترا بسماكة 3أمتار عند القاعدة ومتر و80سم عند القمة وهنا سنقوم بزيارة قصيرة لسجن الباستيل من الداخل.
كما ذكرنا أنه يتألف من ثمانية أبراج وفي كل برج خمسة طوابق وفي كل طابق عشر حجرات لضيوف أو ما يعدهم البعض السجناء
وكان الطابق الرابع مخصص لخدم الملك وصحبه.
وكانت غرفه واسعة وستائره من المخمل وأرضه مفروشة بالسجاد وعدد من الفراش وبعض المقاعد ومكتبة صغيرة وفي الغرفة باب كبير يؤدي إلى غرفة أخرى وهي غرفة الطعام ويوجد قائمة لطعام الفاخر والحلويات والفاكهة وهذا الطعام خاص للخدم وأقربائهم وأما النبلاء وكبار موظفين البلاط فالأمر أكثر فخامة وخاصة يوم الأحد وهذا كله على حساب الباستيل.
وفي الطابق الخامس ستجد غرفة كلها ملاعب صغيرة للبلياردو والمبارزة والملاكمة. 
فسجن الباستيل كان للخاصة فقط والنبلاء ورعية القوم وكبار موظفين البلاط والخدم ولأقاربهم وهو يعتبر نوع مختلف لأنه كان كنوع رضى من الملك وهو لتأديب فقط.
ويشبهه البعض على أنه فندق ضيافةوتم الكشف على وثيقة لإحدى السجناء فتاة وتدعى جانيت قتلت عمها وكان لها صديق يدعى أندريه يقوم بزياتها بإستمرار وبعد فترة اتفقت على الزواج منه وأخبرت المسؤول عن السجن دي ليونه عن قرار زواجها بصديقها أندريه خلال أسبوع وتم استشارة المحكمة وقبول طلبها بعد ثلاثة أيام والتحضير لحفلة زفافها وتم دفع كافة المصاريف للحفلة وثوب زفافها.
وفي الوثائق رسالة من جانيت لرئيس السجن دي ليونه اعتراضا على ماتم احضاره لها من قماش لثوب زفافها، فكتبت له:”سيدي حاكم السجن إن القماش الذي اشتراه مندوبك ليس هو ما طلبته لثوب زفافي لقد طلبت قماشا ناعما من الدانتيل ،أما هذا الذي اشتراه مندوبك فقد يصلح لسجانين .

أما هذا فأحفظه في خزانة السجن ياسيدي الحاكم لذكرى…وأرجو أن ترسل سيدة من السيدات السجانات لتقوم بالشراء من المحلات المحترمة في ميدان الكون كورت أو السماح لي بالخروج لشراء ما أريده بنفسي”.
وقد تم لها ما أرادت وذهبت بنفسها لشراء ما تريده وأما عن سبب وصف سجن الباستيل بأنه عبارة عن غرف لتعساء والمستضعفين ومكان تسكنه الأفاعي والحشرات بين جدرانه ولا يدخله نور الشمس،فكان هذا بسبب ماكتبه أحد السجناء وهو من المقيمين الدائمين في السجن خلال 35عاما ووصفه على أنه كان ينام على كومة قش مبلل ومبكل اليدين والقدمين بسلاسل من حديد ولا يمكنه الحراك بسبب ثقل هذه الأغلال.
وسبب ماكتبه لأن هذا السيد كان كلما خرج ارتكب جرما ليعود للباستيل بسبب طعامه وشرابه وفراشه والبطالة الطويلة
وفي أخر مرة ارتكب جريمة ابتزاز وهذه الجريمة لا يسجن مرتكبيها في سجن الباستيل وتم سجنه في سجن أخر وحاول كثيرا أن يتم نقله للباستيل وإرسال خطابات لدي ليونيه ليتم نقله ولكنه كان يرفض طلبه.
مما جعله يقوم بكتابة الأكاذيب عن السجن ووصفه على أنه مكانا للظلم والقهر وروج هذه الكتابات بعض الصحفين لإثارة الرأي العام وكان هذا في زمن لويس الخامس عشر أي قبل عشرين عاما من الثورة الفرنسية.
ونعود لحقيقة الرواية التي تختلف عن الرواية الرسمية التي ذكرناها أولا الرواية الحقيقة تقول:”إن الرواية السابقة هي من تأليف أحد المتظاهرين لإضفاء شيء من الرومانسية على الثورة والثوار ومعظم الروايات لا تصف سجن الباستيل على أنه مكانا كئيبا وإنما كما تم تداوله أنه مكانا يحتوي كل كرم الضيافة والرقي وهو مخصص للمحتالين واللصوص من الطبقة الراقية وبعض الحاشية بالإضافة إلى أنهم كانوا يتمتعون بحق مغادرة السجن ثم العودة إلى جدرانه.
وفي يوم اقتحام الباستيل لم يتجاوز عدد السجناء10 أشخاص بحسب المؤرخ غيرهارد براوزه وأن الكثير من نزلاء السجن كانوا يطالبون بعدم الإفراج عنهم عقب انتهاء فترة السجن وسبب اقتحام الباستيل فكان للإستيلاء على ما تم تخزينه من البارود والأسلحة البيضاء والمدافع والأمواللأنه كان يتم تخزين كل هذا بالباستيل.
وفي عهد لويس الرابع اعتبر مخزنا لجواهر التاج وكنوزه ومقر الخزانة لدولة ومما يذكر أن ملك فرنسا هنري الرابع أودع في الباستيل 13مليون جنيه ذهبا عام 1600م استعدادا لحربه مع اسبانيا وبعد تبادل قصير للنيران شهد إطلاق قذيفة واحدة فقط من مدافع الباستيل رفع رئيس السجن دي ليونيه الراية البيضاء معلنا استسلامه وفتح الحراس الأبواب بدون أي اقتحام.
ولكن الثوار ما أن تم السماح لهم بالدخول حتى شرعوا بإعدام الحراس وسرقة كل ما تقع أيديهم عليه وأعدموا دي ليونيه الذي علقت رأسه على عصا وتجول بها الثوار شوارع باريس.
وأما السجناء الذين تم تحريرهم في 14 تموز عام 1789م والذي لم يتجاوز عددهم السبعة والبعض منهم رفض الخروج ومغادرة الباستيل حملوهم على الأكتاف وتجولوا بهم وانتهى هذا اليوم الذي وصف على أنه يوما تاريخيا مشرقا.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق