آراء

تجليات الحرية في الحياة من خلال الحب:الكاتبة فوزية كشيش نموذجا

فوزية يوسف كشيش لمن لا يعرفها  كاتبة تونسية مواليد أحد أحياء مدينة تونس العتيقة ،شاركت أولى سنيّ عمرها في نادي “الشيمينو” للكرة الطائرة ، و بعد أنألهبت المدارج تصفيقا بإبداعاتها الرياضية .

حيث كانت من أوائل النساء التونسيات اللائي تحدين العادات و التقاليد و العادات فالجزء الأول “أنصفني القدر  عوضني الزمن لن أفر” و الجزء الثاني  “ أنصفنيالقدر .. عودة بعد الرحيل”

مخطوطين أبدعت فيهما الكاتبة فوزية يوسف كشيش في رسم ملامح خط أدبي خاص بها ما مكنها من ايجاد مكان لها في خارطة الابداع النسائي التونسي ما خصص لهامكانة هامة و متقدمة بينهنّ.

“الكتابة الابداعية الحرّة” هي النمط الذي يطلقه متابعي الشاعرة فوزية يوسف كشيش على خطها الادبي الذي تفردت به مؤخرا حيث نجحت فيما لم ينجح فيه من عاصرها من الشاعرات و هو المزج بين العامية و الفصحى في اعادة توظيف المعيش لتأثيث تجربة أدبية زاخرة بالتقلبات و المراوحة بين الواقعي و المتخيّل لترحل بنا نحو سماء الابداع الذي لامسته أكثر من مرة و تجلى ذلك في التراكيب اللغوية التي استعملتها حيث نجدها تتحفنا كل مرة بواحدة من لمساتها الخاصة “ أنا لست بشاعرة لمّا سجنتُ في يّم عينيك و نمتُ من  غير دواء” .

و هنا تظهر قدرتها العالية على اللعب بالكلمات فكيف لا تشعر و هي الشاعرة الأدبية التي من المفترض أن تملك احساسا مرهفا لتأخذنا أسارى عذب كلامها كما أوردت في الصفحة الأولى تحديدا في السطر التاسع و هي تصف ما يحدث “ عذب الكلام و الأمل و النعومة أخذوني أسيرة عيناك”، لنغوص معها في بحر الابداع كما غاصت في بحر العشق  الذي صورته في الصفحة الموالية “ لن أستطيع الرجوع .. بحر عينيك هو البقاء”.

تواصل “الشاعرة الحرة” و هو اللقب الذي تطلقه شاعرتنا فوزية يوسف كشيش على نفسها نحت الابداع في سطورها في مزج بين تجربتها الخاصة و المتخيّل.

 عالم الابداع لدى فوزية يوسف كشيش عالم لا يخضع لقوانين و نواميس، عالم لاعلوية فيه إلا للحرية التي ظلت تنادي بها في جميع المداخلات التي حضرتها و كانت من مؤثثيها رغم الضعف الذي يتسم به الكائن الانثوي و هذا ما جسدته في سردها

لدواخل النفس البشرية و ما تشعر به في الصفحتين السادسة و السابعة “قررتالهروب ، قررت أن أغيب عن النظر” / “تحملتني بقسوتي المزيفة، كنتَ تعرف أنها مفتعلة” .

ثم تحاول بعد ذلك تصوير عملية الهروب إلى الذات بوصفها المرجع الرئيسي للشخصية الحيرى.

حيث ضمنت ذلك في الصفحة التاسعة من المخطوط الأول “ ماذا أفعل في هذا العمر؟ بعدما سمعت همستك ؟” لتصعد في النسق إلى أقصى ما يمكن بلوغه من التصريح بدواخل الذات و هروبها من الواقع “ دائما في وحدتي و عزلتي … و أنت تريد أن

تقك قيودي .

إنّك معجب بإمرأة كانت جملية في زمن رحل … لا أستطيع أن أترك هذا الغوص أكثر”  ثم ترسم لنا مستطردة أروع الكلمات ” و أكثر كتمان لا أستطيع حمله ،حمله معي الورق و القلم “.

جميعنا يعلم أن الرغبة في التغيير جذرية و متأصلة في النزعة البشرية  و ذلك مانجحت الشاعرة الحرة فوزية يوسف كشيش في ايصاله عبر كتاباتها حيث اختزلت كل ذلك في سطر واحد من أبلغ ما كتبت ” حاولتَ أن تتدارك ما غيره القدر “.

ثم تصطدم بالواقع ثانية في تعارض صارخ بين رغبتها في وصال الحبيب و ما يفرضه الواقع ” عليّ نسيانه ، لأني أتيت في زمنه  الثاني”.

رغم كلّ تلك الصعوبات لم تستسلم الشاعرة فوزية يوسف كشيش للعراقيل في تطريز نصها الابداعي ورسم تتمة للحكاية فتلتجأ للخيال وتفتتح الجزء الثاني من مخطوطها بعبارة تكتب بماء الذهب”أنا إمرأة لا يقتلني جرحٌ من غريب” ثم تضيق بها فسحة

التعبير فتصنع لنفسها مخرجا في مزج رائع بين العامية و الفصحى “اشتقت لعيون الغزلان .. نسمع همساته و حنانه”…. ” يتمنى أن أكون أمامه نغزرلو” نضحكلو نسلّم عليه … بعشقي تكمل الحكاية”.

من هنا تنطلق المخيّلة الشاسعة لإمرأءة حالمة بقصة حبّ ترمم ما مضى من سنوات العمر تتسلطن فيها على مجريات الاحداث “سلطانة أقبلت .. انتهى صبرها .. داخلها عاصفة اشتياق .. رياح .. أمواج شك و خجل”.

بلاغة في المعنى و حسن لفظ في التعبير تبيّن لنا ركائزعالم الكتابة الشعرية و الأدبية لدى الشاعرة فوزية يوسف كشيش كأحد أنجح الأمثلة في المزج بين الشعر و السرد الروائي في تجانس خالص يستحيل الفصل بينهما متجاوزة حدود الابداع النثري إلى بسط أسئلة إدراك وجودي أسطوري و معرفي نستخلص من خلالها حكما تدرّسُ في مدارس الحياة كما ذكر الكاتب محمد محسن في عنوان مقالته المنشورة بموقع صحيفة العربي اليوم بتاريخ الرابع من نوفمبر 2018 “ الابداع النثري و سؤال الادراك الاسطوري و المعرفي لدى الكاتبة التونسية الحرة فوزية يوسف” و هو ما يبرز في الصفحة 14 من المخطوط الثاني حيث تعلنها لنا صراحة “.

هذه طبيعة الكون تعطيك الحظ مرة واحدة دون تكرار .. و إن تكرر فتلك معجزة الاله”.

الحب ، الحرية مفردتين رسختهما الكاتبة فوزية يوسف كشيش في مخطوطي الرواية التي تستعد لإصدارها قريبا ناحتة بذلك لنفسها تمثالا ذهبيا في مجال الابداع الادبي ليس النسائي فحسب بل هي تحاول من خلاله طرق باب العالمية و هي التي تستعد

أيضا لتحويل هذا المنجز الابداعي لفيلم سينمائي قصير من انتاج شركة عالمية لم تذكرها لنا خلال اللقاء الذي جمعنا بها في أحد الأمسيات الأدبية.

لتساير بذلك نسق المبدعات العالميات مثل الكاتبة البريطانية بينلوبي فيتزجرالد”صاحبة رواية الوردة الزرقاء التي بدأت الكتابة في سنّ الستين و فازت بجوائز عالمية في مثل سنّ كاتبتنا فوزية يوسف كشيش تقريبا”.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق