الأدبالفكر

كتاب”تاريخ وذاكرة الحارة بقفصة”نبش في تاريخية واثنوغرافية الوجود اليهودي في قفصة



من نشر جمعية صيانة مدينة قفصة وفي 173 صفحة صدر مؤخرا كتاب” تاريخ وذاكرة الحارة بقفصة” لمؤلفته الاستاذة نورة كرو وهي من الاطارات العليا بوزارة الشؤون الثقافية وهي متحصلة على شهادة الاستاذية في علوم المكتبات و التوثيق من معهد الصحافة و علوم الاخبار بتونس وعلى شهادة الدراسات المعمقة في العلوم السياسية من كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس وعلى شهادة الدراسات المعمقة في التراث من كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية 9 افريل بتونس.

وقد اشتغلت موثقة بإدارة المطالعة العمومية فرئيسة مصلحة بوحدة النهوض بمصادر الذاكرة و الهوية الوطنية بديوان وزارة الشؤون الثقافية ثم كاهية مدير بإدارة الفنون الركحية فمديرة التكوين و الرسكلة.

و تشتغل حاليا مديرة المتاحف بالإدارة العامة للتراث بوزارة الشؤون الثقافية.
وقد تناول هذا الكتاب الذي يعدّ عملا بحثيا ميدانيا في علم التراث بالدراسة تاريخ و ذاكرة الاقلية اليهودية التي عاشت بمدينة قفصة بالجنوب الغربي للبلاد التونسية.

و كانت مكونا من مكونات النسيج الاجتماعي بها حيث يعود تاريخ سكان المنطقة الى العصور القديمة كما ان سكانها متنوعون و لها اقليات عرقية و دينية من بينهم اليهود،ولإعادة التاريخ الاجتماعي للفئة اليهودية بقفصة و ذاكرة الحي الذي تواجدوا به اعتمدت المؤلّفة في مبحثها هذا مقاربة تاريخية و اخرى اثنوغرافية.

وقد تضمن الجزء الاول المقاربة التاريخية بالاعتماد على بعض المصادر و المراجع المكتوبة حول تاريخ اليهود بمدينة قفصة والتي تعدّ نادرة مما اضطرّها للبحث في عدة وثائق اخرى بالأرشيف الوطني و ارشيف ادارة بالملكية العقارية بقفصة و ارشيف بلدية قفصة كما اعتمدت على المراجع و الدراسات و الوثائق المكتوبة و الصادرة حول المجموعات اليهودية بالبلاد التونسية باعتبار ان تاريخ اليهود بقفصة مرتبط ارتباطا كبيرا بالمجموعات اليهودية التي تواجدت بعدة مدن تونسية.

وقد مكنتها هذه المقاربة من معرفة التطور التاريخي لليهود بقفصة وتحديد اصولهم و تتبع تطورهم الديمغرافي و مكان اقامتهم بالرغم من قلة عددهم حيث انه لم يتجاوز الخمسين عائلة في القرن التاسع عشر و تقريبا الالف بين 1904 و 1908 ثم 639 حسب التعداد العام للسكان لسنة 1946 و بداية من سنة 1948 بدأ عددهم ينقص الى حين مغادرتهم النهائية للمدينة بعد حرب 1967 حيث عاش يهود قفصة في حي اطلق عليه “الحارة” او “حارة اليهود” ولم تكن لهذا الحي حدود طوبوغرافية و لم يحتوي على تقسيم مكاني وعرقي حيث تعايش فيه اليهود و المسلمون.
وانبنى الجزء الثاني من الكتاب على المقاربة الاثنوغرافية من خلال عمل ميداني ووصف لمختلف الاماكن الخاصة و العامة” للحارة”مثل معبد اليهود المسمى “البيعة” و ايضا الديار مثل” الدار الغارقة”و”دار الشريف “،” الترميل” وهو مبنى يقع خارج الحي تحديدا في الزاوية اليمنى للجدار الجنوبي للقصبة و تغذيه مياه عين ” لالة العوينة”وهو ينقسم الى ثلاثة احواض وهي ترميل الرجال وترميل النساء وترميل اليهود الذي تعرض لعدة اضرار الى حد الطمس كما تعرضت اغلب هذه الشواهد التاريخية للضرر و التلف و النسيان.
وجاء في هذا الاصدار أنه ولئن اندثر ايضا المعبد اليهودي الثاني المسمى ” اشيبا” و المقبرة اليهودية التي تواجدت بسيدي منصور- الدوالي بقفصة فان صورة اليهودي في المخيال الشعبي ما زالت حاضرة من خلال ما تم جمعه من شهادات شفوية و وثائق مكتوبة لتبقى شاهدة على ذاكرة المكان و تاريخ الفئات الاجتماعية المتعايشة عبر الزمن.
والكتاب عموما اذ يعدّ خلاصة بحث اكاديمي للحصول على شهادة الدراسات المعمقة في التراث فانه يمثّل اضافة نوعية لعدد من الاصدارات الاخرى عن تاريخ جهة قفصة وعن ذاكرتها الجماعية.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق