آراء

العراق إختار الطريق إلى الفوضى والحروب المتواصلة -1-

ساحة التحرير تقع قرب سوق مزدحم ، أغلب الأشياء المعروضة فيه هي من الأجهزة والمعدات والملابس المستعملة ، والطلب في هذا السوق كبير على أجهزة الفيديو ورقائق وأشرطة وأفلام الجنس وعقاقيرها ، أيضا تباع فيه الأدوية والعقاقير الطبية غير المعروفة المنشأ ، وكلها تقريبا تصل إلى هذا السوق عبر شبكة للتجارة مع إيران ودول مجاورة لها ومن تلك التجارة  تجارة المخدرات  .

شهدت هذه الساحة ومجاورها حالات احتجاج صغيرة أيام حكم – نوري مالكي – خلال فترة ما يسمى بالربيع العربي ، تلك الاحتجاجات تم قمعها بقوة وجرى ذلك في النصف الأول من عام 2011 .

كانت تلك الاعتراضات تحصل كل يوم جمعة تقريبا ، حيث يتجمع بضعة آلاف من الناس في ساحة التحرير في بغداد ، وأيضا في الساحات العامة الأخرى في جميع أنحاء البلاد – في الجنوب الشيعي وفي مناطق الواجهة الغربية السنية – من التي يحكمها الشيعة وامتدت تلك التظاهرات إلى السليمانية التي يسيطر عليها ويحكمها أعوان – بارزاني وطالباني – كانوا أولئك الذين إحتلوا ساحة التحرير يحاولوا تقليد نظرائهم من أبناء مصر وتونس وطرابلس ودمشق ، هم تحركوا بعد أن اكتشفوا إن التحرير والديمقراطية والعدالة والحرية في الرأي – مجرد كلام وخدعة كبيرة .

إن النظام السابق رغم كل عيوبه هو أفضل من النظام الحالي ، وان أطروحات الاحتلال لم تفضي إلى شيء صحيح ومتحقق ، بل هي جاءت بمجموعة يصفها المحتجون باللصوص والعملاء ومن لا يتوفر لديهم الانتماء الوطني النظيف ، كما عرضوا في لافتاتهم المظالم والتجاوزات السياسية وإنتهاك حقوق الإنسان وصور وتقارير عن الفساد وسوء استخدام الثروة النفطية ، وأيضا تحدثت تلك اللافتات عن عدم وجود فرص عمل وتزايد أعداد العاطلين وخاصة من خريجي الكليات والمعاهد ، أيضا فلقد طال الاحتجاج موضوع توفير الطاقة الكهربائية ، وتدمير البنى التحتية بسبب قصف طائرات الاحتلال ، وعدم توفر المياه النظيفة للشرب ، وكذلك تدهور الرعاية الصحية الكافية .

حقيقة الأمر إن تلك التظاهرات كانت صورية مفبركة اغلب الذين شاركوا فيها من مجموعات وأحزاب ومنظمات ورجال مخابرات لهم وجود في حكومة المالكي ، والبعض القليل يهتف بشكل لايسمع خارج ساحة التحرير – كانت تلك من الفقاعات التي صنعها نظام المالكي لكي يقول وسادة الاحتلال من خلفه ” إن العراق صار فيه نموذج للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير – احتجاجات سلمية تجري بدعم خفي من قبل الحكومة لإظهار مدى التقدم في بلاد ينعدم فيها التقدم ، هي أشبه بمحاولة لذر الرماد في العيون وامتصاص لأي تأثير من عاصفة الربيع العربي ومنع عبورها نحو البلاد ” .

لكن تلك الخدعة لم تنهي نار الحرب الأهلية أبدا التي شهدتها أعوام ما قبل 2008.. في تلك التظاهرات الأضحوكة شاركت جماهير من الشيعة والسنة ، البعض كما أسلفت شارك بشكل عفوي ، تلك الجموع دون قيادة في ساحة التحرير في مواجهة نظام متمترس – نظام يوصف بالقمعي والفاشل والطائفي ، يقوده رئيس وزراء مكروه من الشعب والتاريخ هو – نوري المالكي – الذي رغم الدلائل على طائفيته المفرطة وارتباطه بحزب – الدعوة المدعوم من إيران .

ويضاف إلى ذلك تاريخ ” المالكي ” السياسي المشحون بالنزوع الطائفي الذي لا يتوافق مع تركيبة العراق وذاك غير مقبول من قبل عامة الشعب وأولهم الشيعة أصحاب الوعي – القبول أنحصر بفئة ذلك الحزب ، حاول مالكي أن يلبس أطروحاته قناعا غير طائفيا وجاهد لإقناع الشعب أنه شخصية وطنية ، ولكن الشعب العراقي كان له رأي أخر فيه وبوزرائه وأعضاء مجلس نوابه ورجال الدين في الضفتين ، كانت الأنظار تتجه نحو الانتخابات الجديدة وما تفرزه بعد أن فشل المالكي من يفرض نفسه والحصول على ولاية ثالثة .

لم تيأس قوى الديمقراطية من تكرار الحشد الأسبوعي في تظاهر بارد بعيد عن العنف والمواجهة ، ولكن في الاتجاه الآخر وبشكل خاص لدى المجتمع السني صار الإتجاه يتخذ طابعا يتمثل في سلوك العنف والمواجهة ودائرة الرفض والكره أصبحت أكثر ضد ديكتاتور وسارق وفاشل وطائفي ، هذه الأوصاف كان يطلقها على شخص – نوري المالكي – البعض من الذين تواجدوا في ساحة التحرير – استمرت تلك الحشود لعدة أشهر ، والكل يدور في حلقة مفرغة – ولكن المالكي كان قد أعلن بوضوح شعاره الذي قسم الشعب بموجبه ” لن ننطيها ” وصار ذلك الشعار مضربا للسخرية وللحكم على ديكتاتور متخلف آخر ظهر في العراق في ظل دبابات الاحتلال وهو يعلم أم لا قد دمر البلاد ، وما يزال….!
” يتبع ” 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق