آراء

عيد بأيّة حال عدت يا عيد

فالنّاس انتظروا الرحمة والإنجازات وحتّى ملّوا وكلّوا وخفتت جذوة مطالباتهم بأبسط حقوقهم البشريّة بعد أن تلاعب من تلاعب بدفّة السفينة وحاد بالصّورة عن مسارها فتغيّرت الوجهة وتبدّلت الأهداف التي أخضعت لمسار العلاقات وخطوط المصالح المتقاطعة للنّافذين. لم يعد العيد حلوا في ديارنا كما كانت تردّد تلك الأغنية المصاحبة لإشهار جفال “جودي” على قناة “تونس 7″، “جانا العيد ما أحلى العيد في ديارنا…”، في ديارنا أرامل وثكلى وحزانى جرّاء الإرهاب المقيت وبسبب رصاص الثورة الذي أطلق على المواطنين المقهورين قبل أن يفرّ المخلوع إلى المملكة العربيّة السعوديّة.

 لم يعد العيد حلوا رائقا وقوافل الشباب العاطل عن العمل “بلا شغل ولا مشغلة” تزداد حتّى بلغ السيّل الزبى، لم يعد العيد عيدا وكلّ ظاهرة باتت الوباء الذي لا يبقي ولا يذر كيف لا والعلل والأسقام في الشوارع والإدارة والعمارة والتّجارة وحتّى بيوت الله لم تسلم من التوظيف والإنتهاك.

في كلّ عيد يحلّ تتجلّى صورة لها رائحة نفّاذة تشتمّها أذهان التونسيين قبل أنوفهم وتتمثّل في هرولة طينة من أبناء الوطن العزيز من جماعة “الأحياء الموتى” من “عيال الله” الفقراء المعدمين الذين لا حول لهم ولا قوّة في بلد أكل فيه الثلّة كلّ القصعة وانفردوا بكامل الوليمة حتّى الفتات قصروه على فلان بن فلتان دون علاّن بن تلاّن، صورة ذاك التّونسي “الزوّالي” و”القلّيل” الذي يتهافت على إحدى أبواب الشعب طمعا وأملا في الظفر بكرذونة يعرف الجميع أنّها لا تغني ولا تسمن من جوع.

 كرذونة لا تسع سوى شيئا من المواد الغذائيّة لا تكفي وجبات يوم واحد لعائلة واحدة. اليوم وبعد سنوات من الإنتقال الديمقراطي والحريّات والإنجازات والقرارات الإجتماعيّة والإنتصار للفئات الضّعيفة يأتينا العيد كما درجت سنّة اللّه الماضية في خلقه، و كثير ممن كانت الكرذونة سلواهم وعزاؤهم يسألون هل من سبيل إليها خاصّة وأنّ أعداد المحتاجين تضاعفت ب 10 أضعاف أمثالها وذلك استنادا إلى الإحصائيّات الرسميّة، هؤلاء المساكين الذين تجدهم في كلّ شبر من أرض تونس العزيزة يتحسّرون على زمن ولّى ومضى، زمن كانت فيه كرذونتهم مضمونة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق