آراء

جواسيس في تونس يرتعون والمسؤولون في العسل نائمون

هذه الشّبكة التخريبيّة يتزّعمها دبلوماسيّان روسيّان و 4 أنفار تونسيين جنحوا إلى بيع ذممهم لبعض الأجانب من أجل منافع شخصيّة وغايات ضيّقة أساسها الكسب القذر وغير المشروع للأموال، والبضاعة المعروضة ببخس الثّمن تونس الغالية، بشعبها وأرضها وسيادتها.

ما حدث هو كارثة الكوارث ومصيبة المصائب وفارقة وسابقة في التّاريخ التّونسي العريق، هذه الجريمة الخطيرة التي تصنّف في نطاق “الخيانة العظمى” والتآمر على أمن دولة مستقلّة ذات سيادة قوانينها نافذة تضع كلّ التونسيين وفي مقدّمتهم رئاستي الجمهوريّة والحكومة و”مجلس نواب الشعب” أمام تحدّ غير معهود وأمام واجب وطني لا حياد عن الذود عنه بشراسة وهو قهر من يريد قهر تونس والتلاعب بأمنها واستقلالها ومنعتها عن كلّ مستهدف آثم.

جريمة التجسّس تضاهي الإرهاب بل تتخطّاه على اعتبار أنّه إذا كان الإرهاب بيع للضّمير وللوطنيّة واستباحة لأرواح النّاس فإنّ جريمة التجسّس هي بيع لكلّ الوطن بأرضه وبحره وجوّه وجميع أفراد شعبه، هذه الجريمة النكراء المقرفة التي درج عليها ارتكابها في حقّ بلادنا الاستعماريّون بمعاونة شرذمة من الإنتهازيين ورهط من القوّادين و”الصبايحيّة” الذين لا يراعون في الوطن وأهله لا إلّا ولا ذمّة.

المعضلة الكبرى أنّ بلادنا اليوم مفتوحة أبوابها على المجهول وممّا زاد الطّين بلّة عدم وجود رقابة أمنيّة واستخباراتيّة صارمة من المفروض أن تستمرّ على مدار السّاعة لتشمل كلّ شبر من حدودنا ومنشآتنا، وفي الحقيقة ما زلنا نسجّل بطء شديدا وتراخيا في التدخل وردّ الفعل بالشكل المطلوب، وهو نتاج طبيعي بالنّظر إلى الضّغط على قواتنا الأمنيّة والعسكريّة ممّا جعل تونس مسرحا يتنطّط فيه من هبّ ودبّ من الوافدين والمغادرين عبر حدودها البريّة وموانئها ومطاراتها، لذلك غرق الوطن بجحافل الجواسيس الذين يمكن أن نجدهم في مجالات أخرى غير الإدارة وخاصّة الأجهزة الحسّاسة في الدولة والمنشآت الحيويّة والمواقع المتقدّمة في السلطة وفي مواقع القرار ولا شيء مضمون ولا أحد معصوم وكلّ الاحتمالات واردة.

وربّما العصابة الجاسوسيّة الروسيّة التونسيّة ليست سوى غيض من فيض من العناصر الأجنبيّة التي ربّما تكون معشّشة في عدد من الواقع والمجالات في البلاد ومن المرجّح أن تكون اخترقت عددا من أجهزتنا ومؤسساتنا خلال فترة الفوضى واختلال الوضع الأمني والسّياسي جرّاء الاحتجاجات والإضرابات في ظل ضعف الأداء الحكومي والأمني. وربّما يكون كثير من الجواسيس الأجانب اندسّوا في فئاتنا الشعبيّة الواسعة في غفلة أو سهو من الجميع، وربّما لو تجري مصالح الأمن والاستخبارات حملات مراقبة ومتابعة لصيقة فلا شكّ أنّها ستضع الأيدي على حرافيش مهمتهم نخر تونس ونشب مخالبهم القذرة في جسد الوطن النّازف، نعم لو دقّقنا وحرصنا سنجد جبلّة من السّماسرة الذين ذهب في ظنونهم السيئة وأهدافهم الوسخة أنّ تونس يمكن أن تعرض في بتّة للبيع للعموم. قوّات الأمن والجيش لا يمكن أن ينجز رجالاتها كلّ شيء ويستحيل عليهم تنفيذ كلّ ما يطلب منهم بشأن التصدّي لجرائم الحقّ العامّ والإرهاب والتّهريب وتأمين الحدود وحماية مؤسّسات الدّولة والمنشآت الصناعيّة والتجاريّة فلا الإمكانيّات تسمح ولا التّجهيزات تستجيب لحجم الطلب في التدخّل، لذلك نجد غيابا واضحا في النّجاعة وهشاشة في الأداء الأمنيّ وفقدان في الكفاءة وانعدام للجدوى المنشودة بشكل جعل القاصي والدّاني من المارقين عن القانون والإرهابيين يتجرّؤون على دولتنا، و حاليّا بدأنا نشهد زحف موضة “الجواسيس”.

يتجسّس علينا الجواسيس وأصحاب القرار والمناصب والنفوذ منهمكون في حبك الخطابات الجوفاء والاستعراض الفضفاض لبرامج لم تنجز ومخططات لم تنفّذ ومشاريع ما زالت حبرا على ورق، يتجسّس علينا المتجسّسون والتسابق على أشدّه بين السياسيين وقادة الأحزاب غايتهم الكبرى الحضور مبكّرا والجلوس على موائد إفطار خاصّة وعامّة يعدّها هذا السفير أو طعام غداء أو عشاء تنظّمه سفارة من السّفارات بمناسبة أو دونها، يحصل ذلك والسياسيّون في خصام دائم وتنافر مزمن متخندقين في خنادق الألوان والإيديولوجيّات يتبادلون الاتهامات خاصّة بالإرهاب وتبييضه بعد أن وجدوه شمّاعة يعلّقون عليها فشلهم الذريع في تلبية مطالب ملحة لشعب لم تعد أغلب شرائحه قادرة على مجاراة صعوبات المعيشة التي ما انفكّت تشتدّ قساوتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق