آراء

النصف ديكتاتور ” الجزء الرابع “

ذات يوم كنت استمع الى حديث ” غادنر ” اول حاكم مدني بعد الاحتلال وتوقعاته عن بلد سيبنى بشكل مثير للاهتمام في المنطقة – جميع رجال الصحافة التزموا الصمت – لكني عارضت طروحاته وقلت ” العراق سيغرق في الفوضى والاحتراب لمدة طويلة – كان ذلك في العام 2004 ، استغرب الجميع وجهة نظري واعتبروها غير واقعية ومتشائمة.

ولكن العكس صحيح وهذا الذي حصل ويتواصل ،لا أحد من الأمريكان أو الذين انتدبوهم لتثبيت احتلال العراق فكر بشكل موضوعي بتلك القنابل الموقوتةمن التي مدفونة تحت أرض السواد ، فيما بعد برر ” بوش ” الفشل وإنعدام الأمن الذي سيطر على أجزاء من العراق بأنه ناتج عن وجود عدم توافق بين المجموعات السياسية .

 ورغم وجود أمريكا بقوة في العراق لابد من مصالحة سياسية ، كان ذلك بتقديره هو العامل الاساسي في معالجة الموقف وخفض حالة العنف ، لكن المصالحة السياسية في العراق تبدو ” لبوش ” ولغيره بعيدة جدا ، بعد انفتاح مشهد الحرب الكبيرة حاولت الإدارة الأمريكية إيجاد حلول للمشكلات العالقة بين ” الشيعة والسنة ” ، فهي وضعت معايير مهمة من بينها على سبيل المثال:

-توزيع عائدات النفط بشكل منصف
-إلغاء القوانين التي تهدد وحدة المجتمع وتقف بالضد من تحقيق المصالحة 
-إلغاء قانون الإرهاب والاجتثاث لحزب البعث..
ولكن الصورة ظلت في ظل حكم ” المالكي ” قاتمة والأحداث اندفعت إلى غايات مجهولة ، وظهر الى العلن ان جميع الأطراف المتعارضة المتحاربة تعمل على الإنفراد بالسلطة والثروة واستغلال التناحر الطائفي لتثبيت اجندات خارجية .

هناك أطراف في البيت الشيعي أبدت معارضتها بوضوح لنهج ” المالكي ” خلال فترة حكمه – مثل جماعة مقتدى الصدر – أمريكا تعلن بين فترة وأخرى ان انسحابها من العراق كان من جملة قرارات خاطئة ، ولكن أيضا استمرار وجودها يفرض عليها دفع فاتورة باهظة الثمن ، الضرر الفادح للعراق وشعبه من ممارسات حكومة ” المالكي “تمثل في ممارسات شوفينية قمعية مستبدة مثل استبعاد وسوء معاملة للسنة ظهر في حرمانهم من الموارد الحكومية وتعرضهم للاعتقال التعسفي وفق قانون 4 ارهاب وممارسة بحقهم الفصل من الوظائف والتعذيب وفق تبرير ساذج مفاده ان الغالبية من السنة يتعاونوا مع المجموعات الإرهابية ،لكن في الصورة التي كنا نتابعها وجدت ان الإرهاب أيضا أنطلق من مجموعات شيعية خصوصا في أحداث البصرة ،من الأخطاء الكبيرة التي إرتكبها ” نوري المالكي ” واعتبرت من سمات شخصية ” النصف ديكتاتور “ حصر كل السلطة في يده- ذاك أضعف البرلمان وكل وزارات الدولة والجهاز القضائي .

كما أظهرت التقارير فيما بعد ان قوات الأمن التي تتبع حكومة المالكي ” فاسدة ومسيسة ” وحكومته معيار التعين لديها في المناصب الهامة ليست الكفاءة بل الولاء للمالكي ، كما ظهر ان الميليشيات المقربة منه لا تحترم القانون وتتجاوز على الناس ، إزاء ذاك التعقيد والتصعيدحاولت الولايات المتحدة الضغط كي تغير حكومة المالكي من منهجها وممارساتها إلا ان ذلك التغيير لم يحصل بل زادت الأمور سوءا وظل المالكي يطالب بولاية ثالثه رغم فشل حكومته على كل الاصعدة ، طلبت الولايات المتحدة عبر لقاء ” جون كيري – المالكي ” في بغداد التغيير الجذري في منهج الحكم ومنح القوى المعارضة مساحة من الحوار ونزع فتيل المواجهة العسكرية والضغط على الميليشيات الشيعية وعدم منحها الفرصة للتجاوز على القانون والناس .

 لكن تلك المطالب راحت أدراج الرياح ، الآن الولايات المتحدة تعلن بوضوح وهي تتابع المشهد المعقد جدا ” لايوجد حل عسكري – بل الفرصة الوحيدة أمام الحل السياسي ، وأيضا رغم ذلك تظل الفرصة محدودة امام الحل السياسي بسبب نوايا الأطراف المتعددة ، وكل الخلاف لا يكمن في العامل الوطني او حالة الاصلاح الجوهرية ، بل يكمن في الطمع على عائدات النفط واستمرار المبدأ غير العادل لتوزيع العائدات بين السكان …!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق