التعليم

رسالة المعلم و التعليم في الجزائر

 نحن أمة إقرأ، الأمة الإسلامية التي شرفها الله على سواها بأنها خير امة اخرجت للناس، لعلى أسس وقواعد ، فإذا نحن لم نحافظ ولم نتبع تلك الاسس والضوابط فإننا لن نسير نحو الطريق السليم والقويم، بل بالعكس سوف نحيد عن جادة الصواب والفلاح، لقد حمل السلف الصالح في القرون الاولى للرسالة الاسلامية هذا الدين بقوة فاكتسحوا العالم من شرقه الى غربه، برسالة الاسلام والعلم، فكانوا دعاة عالمين عاملين، شرفوا الاسلام في كل مكان وزمان، هذا حال امتنا في قرون خلت.

فالشعوب الأوربية والآسيوية تعيش في قمة التطور التكنولوجي والعلمي والحضاري، وقد اخذوا بزمام العلم وحافظوا على العلماء والمعلمين والمربين واكرموهم لانهم يعلمون جيدا ان الحضارة لا تقوم الا بهذا، فطبقوا تعاليم الاسلام دون أن يعتنقوه، وها نحن امة التوحيد، لدينا هذا الدين فيه الخير العميم ولكننا نمنا في سبات عميق حتى نسينا انفسنا.

لقد عانت الدول الإسلامية من الإستعمار، ورزحت تحت الظلم والطغيان سنين عديدة، واعمارا مديدة، حتى انه سلخ هويتهم ولغتهم، ولكن لكل كبوة هناك صحوة، وكل سقوط يعقبه نهوض، ولقد انتهى الاستعمار منذ سنوات عديدة، ولكن الامة مازالت بعيدة كل البعد عن الصحوة العلمية الصحيحة.

وإنما بقيت مستعمرة فكريا وثقافيا وعلميا، وبقيت تابعة لمستعمريها في هذا الميدان ولم تستقل، ولان الدول العظمي تعلم أهمية هذا الجانب فهي تحاول دائما ان تفرض نظامها وقوتها على الدول الضعيفة من اجل ان تبقى في ضعفها وهوانها.

من هذا المنطلق فإن رسالة المعلم هي رسالة ربانية سماوية عظيمة من الامس وحتى اليوم والى الغد سوف تبقى هاته الرسالة هي محور اساس الشعوب واس نهضتها، وكل امة تفرط في هذا الميدان فلا محالة ان مصيرها سوف يكون السقوط والزوال.

نعم انها مهنة عظيمة وشريفة وصعبة ايضا، لان المعلم هو الذي يعجن بيديه جيل المستقبل، فالاطفال عنده هم عبارة عن عجينه لينة يكورها ويصنعها كيفما يشاء، فمتى استقام المعلم والمربي كان الحصاد الذي زرعه هذا المعلم واعتنى به حصادا صالحا ناجحا، وبهذا تكون الامة فالحة ناجحة، ويقول الشيخ البشير الابراهمي في وصيته للمعلمين عبارات رائعة راقية جدا اردت ان اذكرها بهاته المناسبة فقال عليه رحمة الله : “إنَّكم تجلسون من كراسي التعليم على عروش ممالك، رعاياها أطفال الأُمَّة؛ فسُوْسُوهم بالرِّفْق والإحسان، وتَدَرَّجوا بهم من مرحلة كاملة في التربية إلى مرحلةٍ أكملَ منها، إنهم أمانة الله عندكم، وودائع الأُمَّة بين أيديكم، سَلَّمَتْهم إليكم أطفالاً؛ لتردُّوها إليها رجالاً، وقدَّمَتْهم إليكم هياكلَ؛ لتنفخوا فيها الروح، وألفاظًا؛ لتعمروها بالمعاني، وأوْعِية؛ لتملؤوها بالفضيلة والمعرفة”.
فما اعظم هاته الكلمات التي يجب ان تكتب بماء الذهب لدى المعلمين والمربين، لأن الامانة عظيمة لدى المعلمين لهذا يجب عليهم اخذ هاته الامانة بكل قوة واخلاص وتفاني.

فالمعلم مثله مثل الطبيب الذي اذا ما اساء علاج مريضه فسوف يكون مصيره الهلاك، وكالفلاح الذي اذا ما اساء زرعه فأفسده، فالطفل عند المعلم امانة وايضا مادة تستحق الرعاية الصحيحة السليمة من اجل بناء جيل يحمل هم هاته الامة بكل صدق واخلاص، وهاته الثوابت لا تزرع في الانسان الا منذ نعومة اظافره وفي مراحله الاولى، فاذا كان الزرع سليما صالحا، سوف يكون الثمر ناضجا يانعا بحول الله.

ورغم كوننا نعيش في فترة متغيرة ومتقلبة خاصة في ميدان التعليم، ونسمع ونرى العديد من المشاكل في هذا المضمار التي تسئ بهاته الرسالة او بمهنة المعلم، ولكننا دائما نصرخ في وجه الجهات المعنية ان يعطوا ويرجعوا للمعلم والمربي والاستاذ والعالم والباحث قيمته وهيبته التي فقدت او بالاحرى أفقدت عمدا.

وجعلتم الفنان والراقصة والطبال  أعلى قيمة وأعلى راتبا واعلى مكانة من العالم والباحث والمعلم والمربي والاستاذ، نعم افقدتم روح العلم من التعليم وافرغتم رسالة التعليم من محتواها الاسلامي والتاريخي والوطني، حتى اصبحت اجيالنا ترضع حليب الاستعمار الثقافي والفكري واستلب هذا الشعب فكريا واصبح لقمة صائغة لكل قمامات الحضارة الغربية.

في الاخير رسالة للمعلم والمربي وكل من يعمل في هذا الميدان، ان مهمتكم شريفة ونبيلة وهي رسالة الانبياء في القديم وايضا رسالة الاسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام، فمتى حملتم هاته الامانة بصدق واخلاص فتح الله علينا جميعا بمفاتيح الخير وستكون الامة في خير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق