آراء

تونس2017:سوق لبيع القاصرات بالشمال الغربي

فعندما نتحدث عن محاربة العنف ضد المرأة تحرّم جميع المواثيق والمعاهدات الدولية تشغيل القاصرات إلا أن هذه الظاهرة ظلت مستفحلة في المجتمع التونسي منذ ماقبل الثورة فتواترت السيناريوهات والضحية واحدة، تلك القاصر ابنة ال12 ربيعا من أرياف الشمال الغربي تباع لإحدى العائلات من المناطق الراقية مقابل 200 أو300دينار.

ويبدأ مسلسل العنف منذ دخول الضحية إلى منزل المشغل فتفترش الأرض وتلتحف سقف غرفة غيرصالحةلتربيةالحيواناتويتحرشبهاالمشغل بل تعامل كجارية وتغتصب في عدّة حالات وفي غياب الحماية القانونية اللازمة وفي ظل جهل الضحية لأبسط حقوقها تصمت وترضخ للعنف  ووراء الأبواب الموصدة تتجه الضحية إما للانحراف والعيش في الشوارع أو الانتحار للهروب من واقع أليم. وأمام غياب الجهات الرسمية وصمتها الرهيب على هذه الانتهاكات اللاإنسانية في حق الطفولة البريئة نتساءل إلى أين نحن ذاهبون؟؟

وعندمانطلع على مشروع القانون المتعلق بالعنف ضد المرأة والذي واجه عدة عراقيل حالت دون المصادقة عليه نرى عدة نقائص وثغرات شجعت المعتدي على التمادي في عنفه بل ظلت عدّة قوانين مهجورة ولا يطبقها المشرع التونسي مما يشجع المجرم على العود والارتقاء بجريمته إلى مستوى قتل الضحية أحيانا.

 على غرار الفصل227من القانون المتعلق بالعنف ضد المرأة”يعدعنفا كل فعل يؤدي الى ايلاج جنسي مهما كان طبيعته ضد أنثى أو ذكر بدون رضاهويعاقب المعتدي بالسجن مدة 20 سنة ويعتبر الرضا مفقودا إذاكان سن الضحية دون 13 سنة كاملة”

فهذاالفصل لايطبق عادة في تونس ويتم تزويج الضحية من المعتدي بداعي سترهاوبذلك يفلت من العقاب ويكون تزويجهامن منظورمجتمع أبوي متخلف يكرّس الآية القرأنية التالية “وإذا الموؤودة قتلت فبأي ذنب سئلت”،صدق الله العظيم.

 ومرة أخرى ينظرالمجتمع للمرأةعلى أساس أنهاعورة وعاريجب التخلص منه بشتى الطرق.

ولايقف الاعتداءعلى الطفولة في مستوى تشغيل القاصرات إنما حالات الاعتداء قدسجلتها مؤسسات تربوية من مدارس ورياض أطفال وأيضا سجلنا الاعتداءات من طرف الأب في حالة انفصال القرينة عن الزوج حيث تتعرض الزوجة للعنف رفقة أطفالها ولذلك فإن الحل يكمن في تشديد العقوباتوت طبيق القانون بحذافره دون اهمال بعض الفصول أو التفاصيل الدقيقة.

وكذلك هوالحال بالنسبة للمتحرش بالطفولة حيث ينص الفصل 226 من نفس مشروع القانون أنه” يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها 3 ألاف دينار مرتكب جريمة التحرش الجنسي…ويضاعف العقاب إذا كانت الضحية طفلا وإذا كان الفاعل من أصول أو فروع الضحية…”إلا أن أساليب إثبات فعل التحرش والقرائن التي تثبت هذا الفعل ظلت ضبابية ولم يحددها القانون بفصل واضح وصريح مما يجعل المتحرش يفلت من العقاب في أغلب الحالات بعد أن ارتكب جريمة نكراء قد تحول حياة طفل إلى جحيم وقد تكون نقطة تحوّل من حياة هادئة ومتوازنة إلى الشعور بالتهديد والخوف وعدم الثقة في العناصر الاجتماعية المحيطة به نتيجة فعل تحرش همجي مورس عليه من شخص متوحش.

ناهيك عن الركن المحوري والأهم وهو الوقاية من العنف وفق حملات الوقاية ونشر ثقافة حقوق الانسان ورصد حالات العنف الوافدة من الفروع على الأطفال.

ثم تأتي مرحلة الحماية من العنف بالتدخل لدى السلطات المعنية والمؤسسات الحكومية وبالتشبيك والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الانصات لضحايا العنفوالدعم النفسي والايواء والإرشاد القانوني.

ثم مرحلة التعهّد بتوفير الحماية القانونية وحق التقاضي والتضامن مع الضحايا ومرافقتهن للإدماج واسترداد حقوقهن.

وذلك في إطار الاحاطةبالقاصرات المتحرش بهنّ أو المعتدى عليهنّ بتوفيرمختصين نفسانيين واجتماعيين ورجال قانونومساعدتهن على تخطي مرحلة صعبة وهي مرحلة مابعد الاعتداء وهي نقطة سوداء ستظل في نفسية الطفلةالهشة .

ففي غياب السند النفسي والاجتماعي يمكن أن تقدم القاصر على الانتحار ولذلك ندعو جميع السلط  الحكوميةمن وزارة المرأة والأسرة والطفولة ومندوبي حماية الطفولة وقضاة الأسرة وغيرهم الى عدم التسامح أو التهاون في مثل هذه القضايا لأن الطفولة هي جيل المستقبل وهي فئة شديدة الحساسية لمثل هاته الجرائم.

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق