الأخبار الوطنية

 الحمامات:ندوة دولية حول “واقع السياسات التراثية في البلدان المغاربية “

بالتعاون بين فرع تونس للمركز العربي لأبحاث ودراسة السياسات ومخبر اشتغال الأرض، التعمير وأنماط العيش في المغرب العربي في العصور القديمة والوسيطة بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة انتظمت يومي 12 و13 اكتوبر الجاري بأحد فنادق مدينة الحمامات ندوة علمية دولية حول “السياسات التراثية فى البلدان المغاربية ” وذلك بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء والاكاديميين من تونس والمغرب وليبيا وموريتانيا وفرنسا والجزائر وانقلترا لتبحث هذه الندوة في واقع السياسات التراثية في البلدان المغاربيةوالى أي حد ساهمت هذه السياسات في المحافظة على المخزون التراثي في هذه البلدان وتثمينه وإبراز خصوصياته الثقافية والحضارية.
 
كما بحث المشاركون في أشغالها الجوانب القانونية والتشريعية لمنظومات حماية التراث في هذه الدول وفرص وضع آليات لحوكمة سليمة للقطاع وخلال الجلسات العلمية لهذه الندوة تناول الباحث بالمعهد الوطني للتراث بتونس منصور الشقي ما اعتبره مكونا أساسيا من التراث التونسي و المغاربي وهو التراث الامازيغي والذي ينتشر في جل البلدان المغاربية ليبرز ان الاهتمام به وابراز خصوصياته المعمارية والثقافية والتاريخية يختلف من بلد لآخر لاعتبارات عديدة .
وأشار إلى أن جردا بسيطا لهذا التراث الامازيغي يؤكد ثراءه وتنوعه وهو يشمل حسب رأيه تقريبا جل المجالات والمرافق الحياتية ويمثل اليوم “ثقلا” مهما في هوية التراث المغاربي وان أي مجهود لحماية هذا التراث لا يجب أن يتجاهل هذا الأمر ومن جهته أشار الباحث الصادق بعزيز من المعهد الوطني للتراث إلى أن دولة الاستقلال في تونس لم تعر اهتماما كبيرا للتراث الأثري لأسباب تاريخية وان الساسة وكذلك الباحثين فشلوا في وضع سياسة وطنية واضحة في مجال صيانة هذا التراث وتثمينه اقتصاديا واجتماعيا ،وقال إن العديد من المؤسسات التي أنشأت بهدف المحافظة على التراث الأثري منذ عهد الحماية الفرنسية لم تحقق شيئا كثيرا في هذا المجال لغياب رؤية علمية تساعد على النهوض بهذا التراث وتثمينه معتبرا أن أغلب الجهود والتدخلات التي بذلت في هذا الصدد اتسمت بالارتجالية فضلا عن صعوبات مؤسساتية وإدارية وتشريعية. ومن جهتها أشارت الأستاذة والباحثة الجزائرية نبيلة الشريف إلى أن المنظومة القانونية والتشريعية المنظمة لقطاع التراث فى الجزائر تعيش فترة انتقال وترقب بسبب مراجعة قانون حماية التراث الوطني الذي اعتمد منذ عشرين سنة وهو ما اعتبرته فرصة تاريخية لفرض مجموعة من التنقيحات لتحبين منظومة التصرف فى قطاع التراث فى الجزائر على مستوى المؤسسات والتكوين وتحسين مهارات الباحثين وهو ما من شانه أن يساعد على تجاوز الهنات الواردة فى القانون فى نسخته القديمة. كما أفاد الباحث الموريتاني محمدو ميين أن سياسة بلاده فى مجال حماية التراث تمحورت حول المعهد الموريتاني للبحث العلمي الذي قام بالعديد من النشاطات البحثية والاستكشافية فى عدة نواح من موريتانيا وحققت نتائج هامة كما نشطت المبادرة الخاصة فى مجال جمع وعرض العديد من القطع الأثرية التراثية فى أكثر من مدينة تراثية.
حيث أنشأ خواص متاحف تراثية مشيرا إلى أن هذه الجهود العمومية والخاصة استفادت من العديد من المساعدات المالية والتقنية لدفع العمل الوطني فى مجال المحافظة على التراث فى موريتانيا وخلال مناقشة هذه المداخلات أشار الحضور إلى تواضع البرامج والتدخلات الموجهة لصيانة التراث الأثري التونسي خاصة رغم توفر الاعتمادات المرصودة لهذا الغرض ومنها الموارد .
التي تمت تعبئتها في إطار التعاون الدولي كما ان حالة الفلتان الامني التي سادت تونس مثلا بعد جانفي 2011 ضاعفت من المخاطر التي تهدد المواقع الأثرية والتراثية والتاريخية وتساءل البعض الأخر عن أسباب ضعف الاهتمام في تونس بالسياحة الثقافية رغم مكانة بلادنا ضمن الوجهات السياحية المتوسطية والعالمية وثراء مخزونها التاريخي والأثري .
كما تمت الاشارة الى ان تواضع عدد الباحثين المختصين في مجال التراث وغياب حلقات تكوين لتحسين مهاراتهم أثّر بدوره على جهود حماية التراث في تونس وفى البلدان المغاربية وكان الدكتور مهدي مبروك مدير فرع تونس للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات اشار في كلمته الافتتاحية لهذه الندوة الى أهمية طرح سؤل السياسية العمومية حول التراث في البلدان المغاربية وخصوصا في تونس في ظل تنامي الطلب على التراث من حيث تحديد محتواه و صيغ التصرف فيه حفظا و صيانة وتمويلا وهي مطالب لا تخلو من رهانات لا يمكن لراسمي السياسات العمومية أن تتجاهلها وتساءل” كيف يمكن رسم سياسات تراثية وفق معايير الحوكمة ؟ كيف يمكن ان تصاغ السياسات العمومية التراثية على قاعدة المشاركة؟ كيف يمكن للشعوب المغاربية ان ترسم تراثها من اجل دعم الهويات المتعددة على اختلافها و تنوعها ضمن اطر وطنية جامعة، وما هي المخاطر التي تهدد التراث في ظل تغيرات مناخية وحروب و كوارث بيئية و انفلاتات امنية وكيف يتم التوقي منها؟” وبدوره اشار الدكتور عبد اللطيف مرابط مدير مخبر اشتغال الأرض، التعمير و أنماط العيش في المغرب العربي في العصور القديمة والوسيطة بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة الى اهمية موضوع الندوة اعتبارا لقلة البحوث والدراسات التي تناولت هذا المحور و لأنها أتاحت كذلك الفرصة للمشاركين في أشغالها لتشخيص واقع السياسات المغاربية في مجال حماية التراث وتثمينه وبحثت في مدى استجابة السياسات المعتمدة حاليا في هذا المجال لطموحات الشعوب المغاربية وما يمكن فعله تحديدا وبصفة مشتركة لصيانة المخزون التراثي المغاربي.
 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق