منبرالراي

تفكيك الحصار على قطر: السعودية مرتبكة من تحالف ابن سلمان ـ ابن زايد

وليد حسني

لم تتضح حتى اللحظة الخطوط الرئيسية لاتفاق المصالحة القطرية السعودية الذي اعلن عنه امير الكويت مطلع الاسبوع الجاري، كانت الكويت بهذا الاعلان تضع النقطة الأخيرة في مسيرة جهود كويتية بدأها امير الكويت الراحل لرأب الصدع الخليجي الذي بدأه تحالف رباعي في حزيران 2017 ضم السعودية والامارات والبحرين ومصر بمحاصرة قطر جوا وبرا.

وليس من الواضح تماما فيما اذا كانت جهود مستشار الرئيس الأمريكي جاويد كوشنر الذي قصر زيارته للخليج على الدوحة والرياض تستهدف فقط توقيع اتفاق مصالحة ثنائية بين العاصمتين لغايات السماح للطيران القطري بالعودة للتحليق في الأجواء السعودية لحرمان ايران من نحو 100 مليون دولار تدفعها قطر لطهران مقابل السماح لطيران الدوحة بالعبور في سماء ايران بديلا عن أجواء السعودية.

من المؤكد ان الاتفاق على المصالحة بين قطر والسعودية لن يتوقف عند مسألة رفع الحظر عن الطيران القطري، بل سيمتد الى ملفات اخرى عديدة قد يكون من بينها البحث في الاملاءات الثلاثة عشر التي وضعتها دول الحصار الاربع على قطر في بدايات الأزمة كشرط لرفع الحصار عن الدوحة التي رفضتها جميعها.

كانت تلك الشروط او الاملاءات تمثل وثيقة استسلام مكتملة الاركان يمليها المنتصر على المنهزم، فضلا عن كونها تمثل نزع السيادة والاستقلالية عن الدوحة، فقد كانت بالفعل وثيقة استسلام لم تنظر قطر اليها وتركتها معلقة في الهواء حتى هذه اللحظة.

اتفاق المصالحة السعودي القطري سيتم توقيعه في القمة الخليجية المرجح عقدها في البحرين الشهر الجاري، ووفقا للتوقعات فان امير قطر الشيخ تميم والملك سلمان سيلتقيان في المنامة ـ على الأرجح ـ .

هذا الاتفاق الذي جاء بجهود كويتية وبدور أمريكي يفتح الباب للتساؤل عن مدى صلابة التحالف الرباعي وبقائه بعد ان غادرته السعودية في الوقت الذي التزم شركاؤها الصمت حياله، فلم يصدر عن الامارات والبحرين ومصر ما يشير الى القبول به، فيما يعني الصمت الرفض والممانعة.

قد يكون صمت العواصم الثلاث لغايات تمرير الاتفاق الثنائي بانتظار نهاياته وبعد ذلك تلتحق هذه العواصم به منفردة، فقد قيل ان الادارة الامريكية رغبت بان يكون الاتفاق ثنائيا بدءا بالسعودية، فيما كانت الوساطات الكويتية السابقة في عهد الامير الراحل تعمل عل وساطة جماعية مشتركة، مما يعني ان ادارة ترامب عبر مستشاره كوشنر عمل على تفكيك صلابة هذا التحالف الذي استمر ثلاث سنوات دون ان يتعرض لأي اهتزاز او ضعف، في مواجهة صلابة الموقف القطري أيضا.

لعل ابرز المبررات لحماس ترامب لتفكيك تحالف الحصار على قطر ما قيل عن رغبة ترامب بتشديد الحصار عل ىايران بحرمانها من نحو 100 مليون دولار تتقاضاها طهران مقابل السماح للطيران القطري لعبور أجوائها، لكن من المرجح ان لا يكون هذا السبب هو وحده الذي دفع بالسعودية للموافقة على هذه المصالحة، وبالرغم من شدة عدائها لطهران فانها لا يمكن ان تتجاهل انها تعود للدولة التي تتهمها بالتنسيق مع عدوها اللدود ايران.

من المرجح ان تكون الخلافات السعودية الاماراتية هي التي عززت من فرص هذه المصالحة، فالسعودية والامارات مقبلات على خلاف سياسي عميق من شأنه الصعود الى السطح، كان هناك في اليمن خلاف عميق بين الحليفين حول كل ما يتعلق بالحرب وبدعم الامارات لانقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الذي اصدر بيانه من ابو ظبي العام الماضي على الشرعية اليمنية والذي رفضته السعودية وطالبت المجلس بالعودة الى ما كان الحال عليه سابقا في اليمن الجنوبي، وانسحاب الامارات من اليمن الذي ابقى السعودية تدير حربها شبه منفردة مع ما تتحمله من خسائر باهظة في حرب لن يكون فيها اي منتصر.

ووفقا للمعطيات فليس من المستبعد ان يكون الخلاف السعودي داخل العائلة الحاكمة تجاه الموقف من التطبيع مع اسرائيل دفع بالمصالحة الى الامام خاصة وان الملك سلمان ورحالات الرأي في العائلة الحاكمة لا يحبذون ان تتصدر السعودية بمكانتها الدينية والسياسية قطار التطبيع الخليجي بدون اي حل جذري للقضية الفلسطينية، وحى لا تظهر السعودية نفسها بانها هي التي تخلت عن المبادرة العربية التي قدمتها في بيروت سنة 2002 بخلاف راي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي التقى في مشروع نيوم الشهر الماضي برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

من الواضح ان ثمة خلاف داخل العائلة السعودية الحاكمة التي اربكتها تصرفات ولي العهد ابن سلمان وتحالفه مع محمد بن زايد، ما أدى ــ ربما ــ الى فتح باب الطلاق مع سياسات ابن زايد من خلال العودة الى قطر كنسخة اولى من تعديل المسار السعودي في اقليم الخليج.

ومن المهم الاشارة هنا الى ان امريكا مقبلة على تغيير سياساتها في المنطقة والاقليم من خلال الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن، مما يستدعي تغيرا موازيا في السياسات المحلية الاقليمية العربية والخليجية.

قطر بالمجمل صمدت تماما أمام شروط الاستسلام للتحالف الرباعي، وحتى هذه اللحظة لم تقدم أية تنازلات معلنة، وخلال سنوات الحصار الثلاث حققت اختراقات تحسب لها لا عليها، لكن عليها هي الأخرى ان تتغير وان تتكيف، وان تعود الى ثكناتها كما سيفعل السعوديون لاحقا وكما ستفعله الامارات حين تغادر الساحة الليبية هي الأخرى، وتراجع الجميع عن دعم الجماعات المسلحة في سوريا وباقي الساحات العربية الملتهبة.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق