الأخبار الاقتصاديةتحقيقاتمنبرالراي

قطر .. اللاعب الرئيسي في معادلة الاقتصاد التركي

إياد القيسي

تبلغ قيمة الاستثمارات القطرية في الاقتصاد التركي حتى سنة 2020 نحو 22 مليار دولار  وفقا للتقديرات الرسمية للبنك المركزي التركي لتكون قطر في المرتبة 17 17 من حيث الدول الاجنبية المستثمرة في تركيا وفقا لما أعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في 30 تشرين ثاني نوفمبر الماضي.

وتعززت الاستثمارات القطرية في تركيا عقب فرض الحصار على قطر في 5 حزيران يونيو 2017 من قبل السعودية والامارات والبحرين ومصر، فقد بلغت الاستثمارات القطرية في تريكا سنة 2015 أقل من مليار دولار لترتفع قيمتها الى نحو 5 مليار سنة 2016، لترتفع سنة 2017 الى نحو 6 مليار دولار ، وفي عام 2018، تعهدت قطر باستثمار مباشر بقيمة 15 مليار دولار داخل تركيا، ورفعت سقف اتفاقية “سواب” (Swap) من 5 إلى 15 مليار دولار لدعم الاقتصاد التركي وضخ العملة الصعبة في خزينة أنقرة، للتغلب على معضلة الانخفاض السريع في سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار، ليشهد عام 2019 قفزة نوعير في الاستثمارات القطرية في تركيا بلغت نحو 22 مليار دولار.

في نهاية شهر تشرين ثاني نوفمبر الماضي زار امير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني  تركيا للتوقيع مع الرئيس اردوغان 10 اتفاقيات ضمن الاجتماع السادس للجنة الإستراتيجية العليا التركية القطرية في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية، من بينها اتفاقية تشتري بموجبها قطر مركز إستينيا بارك  التجاري في إسطنبول، فضلا عن استحواذ شركة موانئ قطر على الشركة التي تدير ميناء “الشرق الأوسط” بمدينة أنطاليا، واتفاقية تخص إدارة الموارد المائية، و اتفاق تبادل العملات بقيمة ما يعادل 15 مليار دولار.

جاءت زيارة الشيخ تميم لتركيا وكأنها تستهدف مد يد المساعد والانقاذ لآنقرة في وقت بدأت تظهر فيه الازمة الاقتصادية الداخلية مع انخفاض قيمة الليرة وارتفاع نسبة التضخم وتراجع الاستثمارات الدولية، وتراجع قطاع السياحة بسبب جائحة كورونا، وخلاف اردوغان مع الاتحاد الاوروبي بسبب تدخله في ليبيا واصرار الدائنين عل سداد تركيا لديونها خاصة البنك الدولي والاتحاد الاوروبي.

وتأتي الزيارة في وقت بدت فيه تركيا تتقرب من السعودية في ظل انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الذي أظهر عدم رضاه عن بقاء اردوغان في السلطة، وفي ظل التوافق القطري السعودي على المصالحة الثنائية بينهما، فيما تشير المعطيات الأولية إلى وجود خلافات جوهرية بين التحالف الاماراتي السعودي الذي بدأ في اليمن وليس من المتوقع ان ينتهي بالملف القطري.

ظل التحالف القطري الايراني التركي موضع قلق لدى الامارات والسعودية الذي تعزز استراتيجيا على المستوى الاقتصادي والعسكري والأمني بعد فرض الحصار على قطر، وتحديدا عقب 19 كانون اول ديسمبر سنة 2014 حين وقعت قطر وتركيا اتفاقية التعاون بينهما في مجالات التدريب العسكري والصناعة الدفاعية وتمركز القوات المسلحة التركية على الأراضي القطرية باقتراح من الرئيس التركي اردوغان، وقدمت إلى البرلمان التركي في 10 فبراير/شباط 2015، لمناقشتها وصادقت عليها لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان في 5 مارس/آذار من العام نفسه، وتم بموجبها تعزيز الوجود العسكري التركي في قطر، فضلا عن تنفيذ البلدين تدريبات عسكرية مشتركة.

بدأت السعودية والامارات التخطيط منذ توقيع الاتفاقية سنة 2014 لمحاصرة قطر لإجبارها على التراجع عن الاتفاقية باعتبارها تمثل خطر على الامن القومي السعودي الاماراتي والخليجي،  إلا ان قطر استمرت في تنفيذ الاتفاقية وتأخر اتخاذ قرار فرض الحصارنحو ثلاث سنوات وتحديدا حتى 5 حزيران يونيو 2017، لكن بدلا من أن يحقق الحصار أهدافه كانت نتيجته على عكس المتوقع منه بتمتين هذا التحالف ودعمه اقتصاديا وماليا وعسكريا، لتقفز الاستثمارات القطرية الى إلى أرقام لم تكن في التوقعات مما عزز قليلا من من مناعة الاقتصاد التركي وصولا الى كانون اول ديسمبر 2019 وبعد مرور عامين ونصف على الحصارحين تم افتتاح  المقر الجديد للقوات المشتركة التركية-القطرية بحضور كبار القادة العسكريين من البلدين وأُطلق عليها “قاعدة خالد بن الوليد.”

ان كل المؤشرات والمعطيات الاقتصادية الرقمية التي تربط بين قطر وتركيا لا يمكنها باي حال من الأحوال أن تذهب للقبول بسيناريوهات القطيعة المفاجئة بين البلدين اللذان ارتبطا باكثر من 55 اتفاقية جعلت من تحالفهما تحالفا استراتيجيا على المدى البعيد، خاصة وان تركيا هي المستفيد الاول من هذا التحالف في الجانب الاقتصادي والاستثماري لكون قطر تقوم بدور الداعم الأساسي والمستثمر الاكثر تأثيرا في الاقتصاد التركي بعد الاستثمارات الهولندية البالغة نسبتها 22 %، بينما بلغت نسبة الاستثمار القطري 15% والمرجح له الارتفاع في السنوات المقبلة.

ان المعطيات الرقمية تشير الى ان قطر استخوذت على 10% من بورصة اسطنبول بعد توقيعها مذكرة تفاهم مع صندوق الثروة السيادي التركي مما دفع بالرئيس اردوان للدفاع عن الاستثمارات القطرية أمام المعارضين الأتراك قائلا إن الاستثمارات القطرية الأخيرة مؤشر على الثقة في اقتصاد بلاده. ولا يحق للمعارضة الاعتراض على استثمارات قام بها جهاز قطر للاستثمار في بورصة إسطنبول، مشيرا الى ان جهاز قطر للاستثمار مؤسسة دولية لديها استثمارات بأكثر من 400 مليار دولار في أكثر من 40 دولة حول العالم، بينها ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.

وتشير التقديرات ان التبادل التجاري بين قطر وتركيا شهد نموا بنسبة 136% خلال السنوات الثلاث الأخيرة (سنوات الحصار  2017 ــ 2019 ) بزيادة 2ز2 مليار دولار خلال عام 2019 وسجل ارتفاعا في الاشهر الستة الاولى من سنة 2020 ليصل الى 1,2 مليار دولار.

وبادرت تركيا لافتتاح مكتب لها في الدوحة لتشجيع الاستثمار القطري عقب فرض الحصار على قطر نجحت من خلاله بجذب179 شركة قطرية تعمل اليوم بقيمة اجمالية وصلت في نهاية سنة 2019 الى نحو 22 مليار دولار، فيما تضاعفت الصادرت التركية لقطر لتصل القيمة الاجمالية للتبادل التجاري بين البلدين  في سنة  2019 الى 2.24 مليار دولار، فيما تساهم شركات الإنشاء التركية في مشاريع البنية التحتية في قطر، والتي بلغت قيمتها منذ 2002 أكثر من 18.5 مليار دولار، بينما تعمل 545 شركة تركية في قطر.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق