آراءمنبرالراي

الصراع النفسي

حمدي رجب

تتبدد الحياة و تتغير من حول إلى حول نجني ثمارها عند تمثل العقول و الأفكار نحوى العمق الفكري بوازع العقل الباطني المتجانس مع القلب الباطني. فبعد التأمل و التفكير و بلورة العالم النفسي الاتيقي و تمحيص عالم النفس الاجتماعي و كشف المنهج الأنثروبولوجي و ماهيته من خلال التحليل النفسي، يجب أن نحيل العالم الداخلي في الإنسان إلى دراسة موضوعية تليق بالأحوال و الأنماط الاجتماعية في فهمها و تغير معانيها دون تغيير أصولها و المبدأ الذي قامت به. الظروف و الأحوال كفيلة بأن نجد لهذه الأصول في الدين و الفلسفة إعادة فهمها حسب ما يتطلبه النظر الاجتماعي و الواقع المجتمعي المعيش.

ربما اليوم في هذا الواقع الاتيقي و الاستيتيقي تتجلى لنا سياقات ايبتسمولوجية و نحن لا ندركها الا بعد النظر و التأمل و الكشف خاصة عوالم النفس الثلاث الا وهي النفس الأمارة بالسوء و النفس اللوامة و النفس المطمأنة هذه الجموع التي كانت في وقت ما تخص واقع و أحوال تنطبق على هذه المصطلحات و المفاهيم و لكن تأملنا و تمحصنا في كل أفهوم نجد أن هؤلاء الأفاهيم لا تستقيم على هذا العصر المادي الأيروسي البراغماتي لأن الإنسان تغير و نفسيته تغيرت مما أدى بنا في تناقظ مع هذه المرتكزات في عوالم النفس.

اليوم و مع هذا التحول لا نقل نفس أمارة بالسوء بل نفس قبيحة لأن صفة الأمر بالسوء تدل على أن النفس كانت نقية صافية و بعد تمحورها مع الرداءة و الرذيلة الشيطانية أصبحت تأمر بالسوء. اليوم النفس لا تأمر بسوء بل هي قبيحة في طبعها من يوم ولادتها.

هذا يعكس قبحا في جيناتها منذ أول وهلة و هناك في الإنسان نفس لوامة تغير المشهد و ليس ما يدل عن اللوم فاللوم صفة محمودة ترتبط بالعالم العلوي عالم المعقولات، المثل العليا، عالم الخير الأسمى، فعند بداية اللوم خرجت النفس من عالم السوء أو العالم السفلي و حلقت في فضاء خير. لكن الضغط المادي الألي لم نعد نقل نفس لوامة بل الإنسان الجديد يصبح في نفس تنزل بين منزلتين فهي باقية في العالم السفلي عالم المحسوسات في صراع دائم أرضي منوط بجسدها فالجسد جاثم على طبيعتها، و ماهي تلك المنزلتين؟ منزلة القبح و منزلة الروح في موادها أو النفس الجسدية و لأن مصطلح النفس يفهم على أن الإنسان يعيش جسدا خاصا اي علاقة النفس بالجسد علاقة الشئ بوحدته في الإنسان و لا نقل الروح الروح خارجة عن الجسد تماما.

من هذا المنطلق النفس التي تنزل بين منزلتين هي نفس تعيش في عالمها الأرضي ولم تحلق إلى فضاء علوي بمفهوم مقاصدي معنوي بل تبقى ساكنة هذا العالم المادي المتوحش الذي ألقى ظلاله على عوالم النفس و غير أحوالها.

أيضا و بفعل غلبة الطابع التقني و المادي هناك نفوس أخرى في هذا الواقع المعيش تولد من رحيق الوداد فكلما زاد الواقع المادي تغلغلا في التوحش زادت هاته النفس في تحليق واسع إلى فضاء سماوي روحي خير سام تخرج عن مصطلح الطمأنينة أي النفس المطمأنة ربما هذا المصطلح في هذا الواقع لم يكن ناجعا لأن النفس المطمأنة تطمأن عندما تكون لها علاقة وطيدة بالنفس اللوامة لكن أصبحنا في ثنائية و بون شاسع بين النفوس.

لقد هتك العالم البراغماتي عوالم النفوس و أصبحت في هوة ساحقة. فعدنا نصطلح على النفس المطمأنة “نفس فائقة الجمال” لماذا؟ النفس المطمأنة وصلت حد الأمانة و الراحة و الاطمئنان و النبل الروحي كانت غير مطمأنة و غير مرتاحة لأن كما قلنا هناك علاقة الشيئ و ضده و علاقة متجانسة بين النفوس. حاضرنا الدغمائي ولد نفس فائقة الجمال في روحها في أخلاقها في رصانة عقلها في مخملية سرائرها.

العالم اليوم صناعة ببشر يولد سوءا و عدوانية و يقابلها بشر وصل إلى كماله.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق