الفكر

قصة قصيرة :المشاغبون .. يفككون الدراجات المدرسية !!

تنهد أخي للحظة ثم بدأ يشتكي لوالدي من السلوكيات السيئة التي تصدر من بعض زملائه بالمدرسة ، وقيامهم بتفكيك أجزاء من الدراجات الهوائية التي يستقلونها ذهاباً واياباً إلي مدارسهم ، والاستيلاء عليها ، بل وتعمدهم إحداث ثقوب متكررة بهذه الدراجات ، لتعطيلها  وعرقلة أصحابها عن مصالحهم ، وأحياناً بعثرة قطع الغيارالمتفككه داخل الحرم المدرسي ، لإحداث الفوضي وزرع الوقيعة والمشاحنات بين الطلاب .

كان والدي يستمع بشيئ مع الدهشة والاستغراب ، لما يحكيه شقيقي الذي فوجئ اليوم  بتعرضه – هو- لسرقة أجزاء من دراجته الهوائية ، ودائماً الفاعل مجهول !!

 وبعدما انتهي أخي من حديثه ، سأله والدي ” هل تعرف إدارة المدرسة بكل ما يحدث ؟! ” فرد أخي قائلاً ” المُفترضً ذلك !! لكن لم يتدخل أحد ليعاقب القائمين بهذا السلوك التخريبي لأنه لم يشتكي أي من الطلاب لإدارة المدرسة .. فكل طالب يتم إختفاء أي جزء من دراجته ، يذهب إلي مكان إصطفاف الدراجات ، ثم يفك الأجزاء الناقصة من أي دراجه أخري سواء يعرف صاحبها أو لا يعرفه ، ليكمل الناقص في دراجته .. حتي ترتاح نفسه بأنه إسترد ما يعوِض خسارته ، ولو بغير الحق ، وحتي لا يصبح أضحوكة زملائه من هذا المقلب المنافي للمروءه .

بدت علامات الغضب الجم تظهر علي وجه والدي ، وظل يضرب كفاً بكف من السلوك الخائب لطلاب الثانوية العامه ، واستنكر تجاهل مسئولي المدرسة للمشكله القائمه ، وخاصةً أن بعض أهالي هؤلاء الطلاب متوسطة الحال ، وربما لا يملك أحدهم ثمناً آخر لشراء دراجة جديدة لإبنه إذا ما فقدها أو أصابها ضرر أو خساره !!

نهض والدي ورفع سماعة التليفون ، وإتصل بوكيل المدرسة ، ليستوضح منه حقيقة الأمر، فدار بينهما الحوار التالي :

– والدي : السلام عليكم حضرة الوكيل المحترم .

– وكيل المدرسة : عليكم السلام أستاذ شفيق.

– والدي : كنت أود  أن أبلغك عن مشكلة أحزنني اليوم ، السماع بها ، من إبني إسلام ، وقد اشتكي لي عن قيام البعض بتعطيل دراجات الطلاب بمدرستكم ، بتفكيك أجزاء منها ، إما علي سبيل المزاح السافر أو اصطناع المقالب والمضايقات بين الطلاب أو ربما بدافع الإستيلاء عليها .. الله أعلم !!

– وكيل المدرسة : والله يا أستاذنا الفاضل ، الأمر ليس بهذا الحجم ، فكلهم أولادنا وكلهم محترمون ، ونحن نخاف علي مستقبلهم ونرعاه ، وبالنسبه لمشكلة الدراجات ، فأنا لم أهملمها ، وسأضع له حد بدايةً من الغد .

– والدي : يا أستاذ منصور ، لك أن تتذكر ولا تنسي أن هؤلاء الطلاب الذين يقومون بتلك الأفعال الفوضوية المرفوضة ، يُفترض أنهم في المستقبل ، هم الأطباء والمهندسون والمعلمون والضباط وغير ذلك من المهن التي ترفع من شأن صاحبها ، فلا يصح مُطلقاً أن يكون الطبيب خائناً ، ولا يقبل المجتمع بمعلم معدوم الحياء ، ولا يُصدق العقل بأن يكون المهندس مخرباً ، ولا يمكن أبداً أن يكون الضابط أو القاضي لصاً أو مُجرماً .

– وكيل المدرسة مقاطعاً : كلام حضرتك  صحيح ، ومضمون رسالتك وصلني … وإن شاء الله ستصبح الأمور مستقرة وفي أفضل حال .

– والدي في ارتياح : أتمني أن تعلن غداً في طابور الصباح ، استيائك مما هو حادث من سلوك طلابي مُعيب وخائب ، وتخبر الطلاب بغضب أولي أمرهم من سوء نهجهم ، حتي يتيقظ كل طالب ، ويعي أنه كَبُر وبات علي مشارف الجامعة ، التي ترقي بثقافة وفكر الأفراد .

– وكيل المدرسة : الله يكرمك يا أستاذنا .. وهذا ما كنت انتوي الحديث عنه غداً في الطابور المدرسي .

– والدي : أنا شاكر لك .. ولا تؤاخذني بالإطاله عليك بحديثي ، ولكن واجب أن نضع سيرة وسُمعة أبنائنا نصب الأعين  .. وتصبح علي خير .. والسلام ختام .

وفي صباح اليوم التالي ، وجه وكيل المدرسة رسالة لاذعة لطلاب المدرسة أيقظت ضمير كل مُصرعلي الفوضي والعبث بأشياء زملائه ، وبعدها ارتجع الكثيرون عن سلوكهم المعوج ، وتحولوا للحُسني ، وإلتزموا السويه ، وأيقنوا أن المدرسة هي بيت النظام والتنافس علي العلم ، ودار التربية التي قوامها الأخلاق .. وواحة للتهذيب والتأديب .. وليست ساحه لممارسة الترهيب أو التخريب !! 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق