آراء

لا جــديـد يذكـر بل قديم يــعاد…جعجعة الخطابات وصمت الإنجازات

 كلّ يوم تطالعنا تصريحات و إعلانات عن خطط ومبادرات و استراتيجيات و اتفاقيات تبرمها السلط مع هذا الطرف أو ذاك في عديد المجالات و يكثر الحديث في أوساط السياسة و الإعلام عن مكرمات و مكاسب ستجلبها انجازات منشودة مازالت إلى اللحظة موعودة أو في علم الغيب إلى حين،بالتوازي لم تفوت المعارضة بمختلف أطيافها مناسبة من المناسبات إلا و قد سارعت بخطب ود ذاك التونسي الذي تاه وبلغ ضياعه مداه عندما كثرت عليه البلايا المفزعة و الحلول المعلقة.

وتقول خطابات السلطة إنه سيتم قطع دابر البطالة و ستحظى الجهات المحرومة بحظها الكامل من التنمية و سيقضى على التفاوت الجهوي و ستقع الإحاطة بالأحياء الشعبية و المناطق ذات الأولوية .

 ستجتث مظاهر الفساد بكافة أشكاله من جذورها و ستضمحل المحسوبية و المحاباة و “الأكتاف” و ستندثر البروقراطية و سياسة الأبواب المغلقة وستجلب الأموال المنهوبة وسيحاسب المذنبون بذنوبهم وسيصبح القضاء مستقلا استقلالا تاما وسيقع إرساء نظام سياسي ديمقراطي من سماته الأساسية الفصل بين السّلط بشكل يصير فيه الحكم من الشعب و إليه تصديقا للقاعدة السياسية المثالية “حكم الشعب للشعب”.

 أمّا خطابات المعارضة فإنّها تجزم بأنّ الحكومة فشلت في معالجة ما طرح على طاولات وزرائها من ملفات سواء في عملها خلال 100 يوم الأولى أو ما لحقها و أنها عاجزة عن إدارة الشأن العام للبلاد كما تقتضيه المعايير المتعارف عليها في تصريف الشؤون السياسية لبلد مستقل ذا سيادة، معارضة تؤكد على كل منبر و في كل ندوة و لقاء ومحفل أنها تمتلك من البدائل ما يرسو بالبلاد والعباد إلى شواطئ الأمان وهي لا تفتأ تطلق المبادرات و النداءات الواحدة تلو الأخرى معلنة أنها الجهة الوحيدة القادرة على إنقاذ تونس الجديدة من براثن الفوضى و العنف والإرهاب وغلاء المعيشة والقادرة على الأخذ بأيدي التونسيين إلى فضاء يحكمون فيه أنفسهم بأنفسهم تصديقا للقاعدة السياسية المثالية “حكم الشعب للشعب”.

وعكس ما يقوله الحكّام والمعارضون يؤكّد الواقع بالدّليل والبرهان أنّ البطالة تفاقمت و جرائم الحقّ العامّ تنامت وأنّ ظاهرة التهريب استشرت وأنّ آفة الإرهاب استفحلت وأنّ سكان المناطق المسحوقة اجتماعيا مازالوا يرزحون تحت خطوط الفقر و الحرمان و قلة ذات اليد وأن الجهات الداخلية مازالت معزولة مثل العادة و لا حياة لمن تنادى.

فلم تختف صور الأكواخ والحصير البالي و تلك المناظر التي تدمي القلوب، الواقع يقول إن المفسدين مازالوا ينخرون كثيرا من القطاعات وهم يصولون و يجولون في البلاد طولا و عرضا دون رقيب أو حسيب و أن لا جديد يذكر في قضايا الأموال المنهوبة و أن البيروقراطية لم تضع أوزارها بعد وأن المقدرة الشرائية للمواطن تتقهقر تدريجيا رغم الترفيع الرمزي في الجرايات، الواقع يقول أن “دار لقمان مازالت على حالها” و أن البلاد لم تخرج بعد من المربع الأول للثّورة. لا يمكن صرف حسن النية عن الحكومة أو عن المعارضة بخصوص خدمة الوطن والمواطن وتحقيق رفاهيته و جودة حياته لكن تلك النية الحسنة تسحب إذا لم تقترن الأقوال بالأفعال، فالتونسي اليوم يرفض منطق “جعجعة الخطابات و صمت الإنجازات”. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق