الفكر

التعددية الثقافية في الجماعة الوطنية: الأقليات في تونس

هذه المساهمة حسب منظور كاتبنا تندرج ضمن سياق قائم على ضرورة اعادة قراءة بنيتنا الاجتماعية التونسية من منطلق رؤية علمية يمكن تسميتها: الاخر في الانا او الاخر القريب المجاور او الاخر الداخل الذي ينتمي الى نفس الجماعة الوطنية. فالبحث السوسيولوجي كما يراه باحثنا ليس بحثا في الحقوق السياسية بل هو بحث في الهويات الاجتماعية غير الثابتة و المتحولة ( الامازيغ، اليهود، السود) مع تغير السياقات التي حسب رأيه تنطلق من حقيقة تاريخية و سوسيولوجية مفادها ان المجتمع التونسي في مكوناته البشرية و الثقافية التي جمعت بين اعراق مختلفة و ديانات و حضارات متنوعة و متعاقبة.

  فتونس كما يعلم الجميع حسب كاتبنا قد انفتحت منذ عصور مبكرة على عناصر اجنبية حملت لها خصوصيات ثقافية اخرى فكانت هذه الجماعة الوطنية، و نؤكد على هذا المفهوم اشبه بميناء واسع ترسو فيها و تختلط اجناس مختلفة اتية من افاق بعيدة.

و قد ظلت هذه الجماعة الوطنية الموحدة في شمولها في منظور حسيب الجريدي لا تلغي التمايزات الثقافية، و لهذا يمكن الحديث عن الجماعة الوطنية التونسية بماهي حصيلة تراكمات تاريخية ثقافية و اجتماعية و حضارية متعددة.

هنا يشير كاتبنا من خلال اصداره ان الدراسات المعاصرة و المنصبة بحوثها على مسالة الاقليات داخل الجماعة الوطنية لجأت الى استخدام مفاهيم جديدة ليست مستخلصة من التناقض و الصراع ،بل ان الباحثين بدؤوا باكتشاف مفاهيم جديدة ذات خلفية فلسفية و عقلانية و فكرية قادرة على القطع مع واقع الصراع و ثقافة الالغاء و لعل من ابرزهم هو مفهوم التعددية الثقافية ،كما جاء في المفهوم المجتمعاتي مع تشارلز تايلور و الذي يقصد به مجموعة من السياسات العامة.

 التي تصبغ على مختلف الثقافات نوع من الاعتراف الرسمي. من خلال هذا التحليل يعرف حسيب الجريدي التعددية الثقافية بما هي المنظومة الفكرية و النظرية في التعامل مع مختلف الجماعات الثقافية و منظومة اكاديمية يستعملها علماء الاجتماع و السياسة و في تحديد علاقة الاغلبية المسيطرة و من ورائها الدولة او السلطة بالجماعات المهمشة.

من هنا يقودنا باحثنا الى الاشكاليات التالية: كيف تفاعلت الدولة مع واقع وجود اقليات عرقية اثنية سكان اصليين عبر مختلف المحطات التاريخية؟ كيف يمكن التوفيق على المستوى النظري بين معطيات الانتماء بمختلف اشكالها و بين الانتماء الى الجماعة الوطنية؟ ما مدى مشروعية الحديث عن التعددية الثقافية في تعامل الدولة مع اقليات الجماعة الوطنية؟

و يجيبنا حسيب الجريدي عن هذه الاشكاليات التي حملها كتابه بان المشكلة الابرز التي تعانيها الاقليات في تونس تتمثل في عدم الاعتراف بالاختلاف او الاعتراف الخاطئ. ما يجرنا الى القول ان جوهر الحراك الاقلي في تونس يتمثل في مناهضة عدم الاعتراف، بمعنى ان الحراك الجمعياتي الاقلوي هو عبارة عن حركة لإفتكاك الاعتراف و ان الجهود المبذولة في سياق المجتمع المدني يرمي الى الغاء الالغاء المفروض على جماعا ت محددة.

اذن فالحراك الجمعياتي الأمازيغي و السود و اليهود منخرط في اطار قانوني رسمي من اجل اقتلاع الاعتراف لسماع صوتها، على اختلاف اطر نشاطها.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق