تحقيقات

تونس تتصدر مراتب عالمية في إستهلاك المياه المعدنية

 85 مليون قارورة للتسويق بمناسبة شهر رمضان والصيف

إحتلّت تونس في المرتبة الثّالثة كأكبر مستهلك للماء المعدني في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكيّة وكندا وفق نتائج دراسة حول استهلاك المياه المعدنيّة في العالم، حيث كشف الديوان الوطني للمياه المعدنية أنّ الاستهلاك الجملي للمياه المعدنية في تونس بلغ سنة 2015 ما يعادل مليار و400 مليون لتر.

واعتبر نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك “أكرم الباروني” يوم 8 أفريل 2016 أن التونسي مضطر الى اللجوء الى شراء المياه المعدنية بسبب تدهور خدمات “الصّوناد” وتراجع جودة المياه مشيرا إلى أنّ 50 بالمائة من التونسيين فقط يتمتعون بالماء الصالح للشراب.
من الحنفيّة إلى المياه المعدنية

أشار رئيس الجمعية التونسية لإرشاد المستهلك وترشيد الاستهلاك “لطفي الرياحي” إلى أن من أهم الأسباب التي تجعل التونسي يهجر الحنفية ويتجه نحو المياه المعلبة اقتناعه بأن ماء الحنفية غير مطمئن وغير جيد لأنه يرى ويشاهد الترسبات و”الصلصال” التي تخرج مع الماء وكذلك رائحة الجفال وطعمه الطاغي على رائحة وطعم الماء، بالإضافة إلى ذلك يدرك التونسي أن عمليات صيانة مسالك و أنابيب نقل المياه غائبة تماما مما أدى إلى وأضاف “الرّياحي” اهترائها وتأثرها بعوامل الزمن فأصبحت تنضح بالصدأ.

وأضاف “الرّياحي” قائلا: “زد على ذلك ما يعانيه أهالينا بالجنوب من تاثير “الكلكار” على أسنانهم نتيجة رداءة مياه الشرب وارتفاع نسب مرضى الكلى وارتفاع الإصابات بحصى الكلى والمجاري البولية، كل هذه الأسباب وغيرها تجعل التونسي يلتجئ إلى استهلاك المياه المعدنية المعلبة رغم ارتفاع الكلفة التي تصل إلى المئات من الدنانير سنويا اعتقادا منه أنها أكثر أمانا وهي مسألة فيها نظر”.

رمضــان: تخفيض بنسبة 5 بالمائة في السّعر

تم الاتفاق، خلال إجتماع انعقد يوم 20 أفريل 2016 بإشراف كلّ من المدير العام للديوان الوطني للمياه المعدنية والإستشفاء بالمياه ورئيس الغرفة الوطنية النقابية لمنتجي المياه المعلبة بمنظمة الأعراف على تخفيض أسعار المياه المعدنية المعلبة على مستوى وحدات الانتاج بنسبة 5 بالمائة طيلة شهر رمضان حفاظا على المقدرة الشرائية للمواطن.

كما تم السماح للمنتجين بتصدير بعض الكميات من هذا المنتوج وذلك شرط تحقيق الاكتفاء الوطني من هذه المادة. ويمثل الاستهلاك خلال أشهر جوان وجويلية وأوت حوالي 34 بالمائة من حجم الاستهلاك السنوي من هذه المادة.

وقد تعهّد منتجو المياه المعدنية بتوفير مخزون تعديلي إجمالي يقدّر بـ 85 مليون قارورة، وذلك بزيادة في مستوى 25 مليون قارورة مقارنة بسنة 2015 بما يمكّن من تعديل السّوق خاصّة مع ذروة الإستهلاك بسبب ارتفاع درجات الحرارة والإستعداد لشهر رمضان.

450 مليون دينار رقم المعاملات في 2015

أفاد مدير عام الديوان الوطني للمياه المعدنية “رزيق الوسلاتي” يوم الجمعة 13 ماي 2016 أنّ رقم معاملات القطاع 450 مليون دينار خلال سنة 2015، وأنّ حجم الاستثمارات فيه ناهزت 104 ملايين دينار خلال الـ 5 سنوات الأخيرة، مؤكّد أن قطاع المياه المعدنية شهد تطورا كبيرا خاصة مع احداث اللّجنة الفنية بالديوان والتي منحت مؤخرا رخصا لإحداث 3 مشاريع جديدة بكل من سيدي بوزيد والقصرين وزغوان.

وقد سجّلت مبيعات المياه المعدنية في تونس خلال سنة 2015 ارتفاعا ب 385 بالمائة، وذلك وفق مؤشرات احصائية كشفها الديوان الوطني للمياه المعدنية على هامش الملتقى الدوري السابع عشر لمنتجي المياه المعدنية، حيث تمّ خلال العام الماضي بيع 1406 مليون لتر من الماء المعدني مقابل 290 مليون لتر خلال سنة 2000.

كما أبرزت المؤشرات الاحصائية أن معدل استهلاك التونسي للمياه المعدنية بلغ 127 لتر سنة 2015 مقابل 29 لتر سنة 2000، وبذلك فإن معدل استهلاك التونسي للمياه المعدنية فاق بكثير المعدل العالمي المقدر ب 40 لترا للفرد الواحد في السنة.

28 شركة ناشطة ونموّ بـ 385 بالمائة

عرفت مبيعات المياه المعدنيّة ارتفاعا ملحوظا من 290 مليون لتر سنة 2010 إلى حدود 1406 ملايين لتر سنة 2015، وذلك بنسبة نموّ قدرت بـ 385 بالمائة، كنا بلغ حجم مبيعات المياه المعدنيّة في تونس للسنة المنقضية نسبة 0.6 بالمائة من نسبة المبيعات العالميّة التي قدّرت استنادا إلى إحصائيّات مؤسسة “Canadian” بـ 238 مليار لتر من المياه.

وتجاوز حجم المعاملات في قطاع المياه المعلبة سنة 2015 ما قيمته 450 مليار عند تقييم المعاملات باستخدام بيع الوحدة مع الإشارة إلى أنّ هذه القيمة قد تتجاوز بكثير بالرجوع إلى أسعار البيع بالتفصيل التي تحظى بأرباح عالية حيث من الممكن في غالب الأحيان أن يبلغ سعر البيع بالتفصيل ضعفي سعر منتوج الشركة المالكة للوحدة.

وتنشط في القطاع اليوم ما يناهز 28 شركة تتنافس بينها على مستوى العرض كلّ حسب مجهوداتها التسويقيّة سعيا إلى فرض نفسها في الأسواق الدّاخليّة وكذلك الخارجيّة، ومن المتوقّع أن يشهد القطاع في المستقبل القريب دخول وحدات جديدة حيث تناهز الدفعة الأولى 5 مشاريع بطاقة انتاج جمليّة تقدّر بـ 57600 قارورة في السّاعة وتوفّر ما يضاهي 400 موطن شغل مباشر، وستتركّز 3 مشاريع بسيدي بوزيد ومشروع بالقصرين والآخر بالفحص.

ويحتكم الديوان الوطني للمياه المعدنيّة والإستشفاء بالمياه على ملفات في طور الدراسة تخصّ ما يعادل 49 مشروع لتعليب المياه في كلّ من ولايات القصرين وسيدي بوزيد وتطاوين ومدنين والكاف وقفصة وزغوان والقيروان وجندوبة وبنزرت ونابل وسوسة والحمامات.

ويعتبر الخبراء أنّ قرار سلطات الإشراف بفتح المجال أمام الإستثمار الخاصّ واتخاذ تدابير تحفيزيّة عديدة مثّل نقطة تحوّل حقيقيّة أدّى إلى تطوّر جميع مؤشراته صوب المنحى الإيجابي ليبلغ الحجم الجملي للإستثمار التراكمي صلب القطاع خلال الخمسة أعوام الأخيرة حوالي 104 ملايين دينار بالتوازي مع ارتفاع طاقة الإنتاج الجمليّة إلى مستوى 350 ألف قارورة بطاقة تشغيليّة تناهز 2500 موطن شغل مباشر اضافة إلى موارد الرزق غير المباشرة.

مشاكل القطاع

مشاغل وإشكاليّات عديدة يكابدها أهل القطاع ويعتبرونها مقلقة وتهدّد مستقبل مهنتهم من أبرزها الإستغلال العشوائي للآبار والحفريّات والتدخّل في مناطق الحماية القريبة أو البعيدة لمنابع المياه المعدنيّة ممّا يتسبّب في استنزاف مدخرات المائدة المائيّة وينجرّ عنه حدوث اختلال في استقرار التركيبة الفيزيوكيميائيّة للمياه المعدنيّة لما يمثله ذلك من أخطار جمّة على تلوّث المياه.

ويؤكّد المهنيّون على الصّعوبات التي تعوق الجهود من أجل العثور على أسواق جديدة التي يطمح إليها المنتجون جرّاء تراجع مستوى التصدير رغم بعض ما يسجّل من جهود فرديّة للمستثمرين في القطاع لاكتساح أسواق أجنبيّة يستطيعون عبر ترويج منتوجاتهم، فضلا عن دخول ما يعرف بـ “باعة المياه المتجوّلين” الذين يبيعون نوعيّة من المياه يقول مستهلكوها أنّها لا تبتعد كثيرا في جودتها عن المياه المعدنيّة بل تطابقها، في المقابل يتذمّر المنتجون من من ظاهرة “البيع العشوائي للمياه” من قبل من يصفونهم بـ “الدّخلاء”.

حلول وتوصيات

جملة من التدابير والإجراءات اتخذها الديوان الوطني للمياه المعدنية تهمّ القطاع وتمثّلت على مستوى مناطق الحماية في إحداث لجنة يترأسها الديوان بهدف وضع خطّة وطنيّة لتركيز مناطق حماية والالتزام عند بعث مشروع تعليب المياه المعدنيّة بتركيز مناطق الحماية القريبة والعمل على إنجاز الحفريات باعتماد مستوى واحد في برنامج القطف وإحكام غلق رأس الحفريّة لتجنبّ مصادر التلوث السطحيّة.

وفضلا عن ذلك دعوة المصالح المعنيّة، إلى تطبيق مقتضيات (الفصل 10) من “مجلّة المياه، والمتعلّقة بتحجير حفر آبار سطحيّة أو إنجاز تنقيبات دون ترخيص، وكذلك الأحكام المتعلّقة بتجريم هذه الأفعال بما يجنّب كلّ استغلال عشوائي أو مفرط للمائدة المائيّة قد يمسّ من ديمومة نشاط وحدات التعليب.

وعلى مستوى ظروف الانتاج، فتتمثّل في الإجراءات في مزيد تفعيل المراقبة الذاتيّة داخل وحدات التعليب وعدم ترويج المنتوج إلاّ بعد 48 ساعة على الأقلّ من تاريخ انتاجه وبعد صدور التحاليل بشأنه، وتدعيم الإطار العامل بوحدات التعليب بفنيين مختصين وذوي كفاءة في مجال المراقبة الذّاتيّة بالمخابر والعمل على وضع برنامج تكوين مستمرّ في الغرض.

وتنص الاجراءات المتخذة على وجوب تعيير المعدات المستعملة لدى مخابر المراقبة الذاتية بوحدات التعليب للحصول على أفضل النتائج والتقيد بالمواصفات الصادرة والمتصلة بالتحاليل المخبرية والانخراط بصفة كلية ضمن منظومة الجودة الوطنية ومواصل تأهيل وحدات التعليب من أجل الارتقاء بجودة منتوج المياه المعلبة وتدعيم فرص تصديرها اضافة إلى وضع استراتيجية وطنية لتطوير تصدير المياه المعلبة و البحث غن أسواق جديدة لتسويقها، طما يجري العمل على تطويل قارورة المياه لتأخذ أحجام جديدة ملائمة للطلبات ومن شأنها أن تخلق التنافسيّة وترفع من نسق  إستقطاب المستهلكين.

وبالنسبة للمسائل المتعلّقة بـ “الخزن” و”التوزيع”، فتتمثّل الإجراءات بالخصوص في التعجيل بإعداد كرّاس شروط يخصّ عليّات النقل والخزن والعرض للمياه المعلبة الجاهزة للترويج على المستويين الوطني والإقليمي والقاري والدولي، وذلك إلى جانب التكثيف من حملات التوعيّة والتحسيس والإعلام الموجهة إلى الموزعين وتجّار الجملة والتفصيل وفق الشروط العامّة للتوزيع والخزن، وكذلك تقنين وتفعيل ما ورد ضمن الوثيقة الفنيّة المتلّقة بالشروط الفنيّة لاستعمال تقنية الهواء المطعّم بالأوزون والتي تمّ إعدادها من قبل اللجنة العلميّة المنبثقة عن توصيات الملتقى التقييمي السّادس عشر للمياه المعلّبة.

وبالنسبة للإطار القانوني والتشريعي فتمّ للغرض إقرار الإسراع باستصدار الأمر المتعلّق بالمخطّط المديري للأراضي المخصّصة لقطاع المياه المعدنيّة والذي سيمكّن من فضّ الإشكاليّات على مستوى تركيز مناطق الحماية، وكذلك توفير مدخرات عقاريّة لإنجاز مشاريع بالقطاع، بالتوازي مع تكوين لجنة تضمّ كافة المتدخلين في مجال المياه المعدنيّة بمراجعة مقتضيات كرّاس الشروط والمتعلّق بضبط الشروط العامّة لتنظيم انتاج المياه المعلبة واقتراح التعديلات اللاّزمة.

معطيات وأرقام

ـ معدل استهلاك التونسي للمياه المعدنية يقدر بـ 105 لترات في السنة للفرد الواحد
مقارنة بمعدل الإستهلاك العالمي للمياه المعدنية الذي يقدر بـ 40 لترا في السنة. 
ـ في تونس أكثر من 22 وحدة للمياه المعدنية. ومشاريع تبدأ الإنتاج قريبا وأخرى بصدد الدراسة.
ـ الولايات التي بها وحدات تعليب مياه معدنية: قربص- نابل – النفيضة – سوسة – القصور- الكاف – كوتين مدنين – الشبيكة – القيروان – عين قصيبة – الكاف – جومين – بنزرت – جلمة – سيدي بوزيد – حفوز – القيروان – مقرن – زغوان – قصراللمسة – القيروان – تطاوين – كوتين مدنين – صدقة – سليانة – مقرن – زغوان – تاجروين – الكاف – سيدي عيش-قفصة – نفزة-باجة – الناضور-زغوان – تبرسق- باجة – كريب-سليانة- برقو-سليانة .
ـ عدد مواطن الشغل يساوي: 1981 موطن شغل مباشر وأكثر من 3 أضاعف العدد بالنسبة لمواطن الشغل غير المباشرة.
ـ حجم الاستثمار السنوي (بالمليون دينار): تراوح في العشريّة الأخيرة ما بين 104 إلى 326 مليون دينار.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق