آراءمنبرالراي

“الأخبار اللبنانية”…والتطبيع وشيطنة الإعتماد على “معهد إسرائيلي”

بقلم وليد حسني

يعترف كاتب تقرير”العلاقات السرية بين إسرائيل ودول الخليج” ( يحي دبوق ) باعتماده على ما ورد في ورقة بحثية صادرة عن «المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية» (ميتفيم) بعنوان «إسرائيل وقطر: علاقات الظل والقضية الفلسطينية»، للباحث في المعهد والمحاضر عن دول الخليج في جامعة بن غوريون، ميخائيل يعاري.

وما لم يقله كاتب التقرير ان هذا المعهد يعمل على مشروع بحثي استمر لمدة ثلاث سنوات أصدر خلاله العديد من الاوراق البحثية المتعلقة بالعلاقات الاسرائيلية العربية وافاقها وسيناريوهاتها المستقبلية كان آخرها الكتاب الأخير الذي صدر في شهر تشرين ثاني نوفمبر الماضي بعنوان “علاقات إسرائيل مع الدول العربية ـ الفرص غير المُحقَّقة” ملخصا جميع اعمال وأبحاث المعهد التي امتدت لثلاث سنوات.

اذن كاتب التقرير هنا يرتكز على وجهة نظر اسرائيلية كاملة تجاه قطر في سياق إظهار حجم العلاقة “الوظيفية” التي تربط قطر بالاحتلال الاسرائيلي الذي يعتمد على الاموال القطرية باستخدامها” لإدامة حصاره على قطاع غزة، وكذلك تطويع السلطة في رام الله إلى ما يدفعها إلى التذمر، الأمر الذي يجعل الأموال القطرية أحد مكونات القدرة الإسرائيلية على مواصلة المواجهة ضد الفلسطينيين، وإن اتخذَ ذلك شكلَ التدخل الإنساني “، ويكرر قوله” ان الأموال القطرية باتت من الوسائل التي يعتمدها الاحتلال لتنفيس الاحتقان في غزة..الخ”.

ومن المؤكد ان الإنتقائية هنا من تقرير بحثي اسرائيلي يبحث فقط في كيفية تنمية وتعزيز المصالح الاسرائيلية دون النظر الى مصالح الفلسطينيين والعرب وإظهار قطر كشريك لإسرائيل في قمع الفلسطينيين وتعزيز الاحتلال إنما يستهدف النيل من قطر وسمعتها وإظهارها كعميل خليجي.

هذه الخدمة التي يقدمها كاتب التقرير هنا جزء من الحملات الاعلامية المناوئة لقطر خدمة لمحور الحصار الذي يضم كلا من السعودية والامارات والبحرين ومصر، وقد نشر هذا التقرير في جريدة الاخبار اللبنانية في شهر اذار مارس 2020، لكن الذي يعزز النتيجة التي توصلنا اليها ان تقريرا أخر بنفس المعنى واعتمادا على ذات المصدر اصدره موقع”المرصد المصري ” في شهر اب أغسطس 2020 تحت عنوان (علاقات الظل.. قطر وإسرائيل تاريخ من الشراكة والتطبيع )[1] لم يخرج في مضمونه وطروحاته عما نشرته”الأخبار اللبنانية “.

إن إحدى أبرز الحملات التي شنها الاعلام التابع لمحور الحصار على قطر ربطها بالاحتلال الاسرائيلي وتطبيعها المبكر لعلاقاتها التجارية والسياسية مع الاحتلال، وهذا ما يقوله كاتب التقرير في الاخبار اللبنانية( الموقف القطري كان سبّاقاً مع سلطنة عمان إلى التقرب من إسرائيل وإن على حساب القضية الفلسطينية)، وتاكيده بان” الدوحة أكثر التصاقاً بل ربما تعبيراً عن مصالح إسرائيل “.

يرى كاتب التقرير في قطر دولة غير مؤثرة كالسعودية، وفقا للرؤية الاسرائيلية التي دفعت بها للوقوف الى جانب السعودية والامارات في حصارها للدوحة في سياق التقرب الاسرائيلي من دول الخليج، يقول التقرير الاسرائيلي (هذه الدولة ــ قطر ــ لا تملك روافع فعلية لخلق تأثير حقيقي في القوى الإقليمية، وخاصة مع مقاطعة عدد من الدول العربية لها

ومع ذلك فان التقرير ــ نقلا عن مصدره الإسرائيلي ـ يطالب بالمواظبة على بناء وتعزيز الثقة مع قطر التي” تبنّت على مر السنين موقفاً براغماتياً من إسرائيل أملته «مصالحها الوطنية»، فيما يمكن إرجاع جذور هذه العملية إلى التسعينيات حين كان هناك رفض واسع للاتصال بإسرائيل ما دامت القضية الفلسطينية دون حل كامل. لكن قطر شاركت في «مؤتمر مدريد»، ثم بدأت تفعيل عملية بطيئة نحو علاقات أفضل ــ على حد قول التقرير الاسرائيلي ــ “.

ويذهب تقرير “الأخبار اللبنانية “الى استعراض سريع لبدايات العلاقات القطرية الاسرائيلية في سياق تأكيد عمق العلاقات القطرية الاسرائيلية الممتدة لنحو 30 سنة، دون أية إشارة إلى وجود مثل تلك العلاقات مع دول محور الحصار، إلا ان الانتقائية هنا تستهدف وسم ووصم الدوحة باقمة علاقات مفتوحة مع اسرائيل دون الاعلان الرسمي من الجانبين عن تطبيع علاقاتهما لتقوم قطر بدور الداعم لاسرائيل.

هذه الإنتقائية الإتهامية هنا بدت وكأنها تستهدف إحراج قطر أمام الرأي العام العربي والقطري على حد سواء لغايات تصليب ودعم دول محور الحصار وإضفاء شرعية عليه تتغطى بالقضية الفلسطينية.

ولتعزيز الموقف العدائي من الاخوان المسلمين ينتقي كاتب التقرير في الأخبار اللبنانية ما ورد في التقرير الإسرائيلي قائلا ان قطر بنت علاقة فارقة مع الاحتلال، ويمكننا هنا الحديث عن اتجاهين الاول من خلال علاقتها مع دولة خليجية نجحت بكسر حالة العداء والمقاطعة لاسرائيل وبهذه الطريقة نزع أهم سلاح بأيدي الفلسطينيين  “[2] ، وثانيا منح قطر دورا اقتصاديا في قطاع غزة ساهم في تعزيز دور قطر كشريك لاسرائيل بالتوسط والهدنة جعلها”شريكاً استراتيجياً للقيادة الإسرائيلية في هذه القضية المعقدة ” على نحو”نجاح السفير محمد العمادي في اختبار الواقع، ومنع مراراً جولات قتالية بين إسرائيل وحماس ــ على حد قول التقرير “.

ولا ينظر الاسرائيلي لقطر كدولة محورية يمكن إشراكها في الحلول النهائية للقضية الفلسطينية مثل السعودية ومصر وسيبقى دورها الخدماتي والوظيفي محدودا في قطاع غزة ، قاصدا هنا الدور التمويلي والوساطي.

يرى التقرير أن اسرائيل ستجد صعوبة في المحافظة على علاقاتها الحالية مع قطر في حال استمرت حالة الحصار الخليجية لها، ولكون إسرائيل تدرك الاهمية الاستراتيجية لكل من مصر والسعودية لها فانها” غير معنية بدفع علاقاتها قدماً في مسار يخالف غالبية العالم العربي، الأمر الذي يعني أن التعاون سيبقى مركزاً على غزة “، خاصة بعد تحول النظرة القطرية للقصية الفلسطينية عبر معادلة إسرائيل المعتدية والضحية الفلسطينية، الى الاعتراف بمسؤولية الأطراف المتبادلة “.

ان تقرير” الأخبار اللبنانية ” وجد ضالته في تقرير اسرائيلي يركز على المصالح الاستراتيجية المستقبلية لإسرائيل في المنطقة من أجل تعزيز شيطنة قطر واعتبارها الشريك الوظيفي لإسرائيل في المنطقة، وان دعمها لقطاع غزة يأتي في إطار خدمتها لاسرائيل وليس للفلسطينيين.


[1] ــ  كاتب التقرير محمد حسن ـ متوفر على رابط:  https://marsad.ecsstudies.com/37606/

[2] ــ نقلا عن نائب المدير العام لوزارة الخارجية، يعقوب هداس.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق