حوارات

باحثة في مركز حمورابي للدراسات والبحوث الاستراتيجية :”الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تتمتع بذات القوة والقدرة التي خرجت بها بعد الحرب العالمية الثانية”

هل تمثل إستراتيجية (دونالد ترامب) في محاربة الهجرة الى الولايات المتحدة الأميركية جزء أساسي من سياسته تجاه العالم العربي بالذات؟

بدايةً إن قضية الشرق الأوسط عامة والعالم العربي خاصة، هي أحد أهم القضايا الحساسة بالنسبة للرئيس الأميركي (دونالد ترامب) الذي يعارض جميع سياسات الحزب الديمقراطي فيما يخص المنطقة، ويتهم الإدارة السابقة له بأنها سبب كل المشاكل والحروب التي تعرفها دول الشرق الأوسط بما فيها التهديدات الإرهابية لما يعرف بــ (تنظيم داعش)، فضلاً عن الملف النووي الإيراني، والأوضاع الأمنية في ليبيا واليمن.

لذا فهو يسعى إلى إعادة ترتيب الأوضاع في العالم العربي بما يخدم الصالح الأميركي قدر الإمكان، لأن حجم المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة الأميركية، مع احتمالية عدم قدرة الإدارة الجديدة على تقديم أفضل مما قدمته إدارة (أوباما) في المجال الاقتصادي، سيدفع (ترامب) على أن يجعل الملف الخارجي هو المهرب الرئيس لإدارته، مدعوماً بفريق من المتشددين، أي المبادرة إلى التدخل المباشر، والتركيز على (الإسلام المتطرف) بوصفه العدو الأول للولايات المتحدة الأميركية.

لذا جاء قراره بمنع الهجرة من سبع دول عربية من ضمنها العراق إلى الولايات المتحدة الأميركية مكملاً لخطته في بناء جدار على الحدود الأميركية المكسيكية، للحد من دخول اللاجئين الذين يأتون عبر الحدود من جميع أنحاء العالم معتبراً إياهم (قتلة ومغتصبين)، محاولاً بذلك حصر المشاكل العربية في مناطقها وتطويقها بغرامات اقتصادية، وهي جزء من إستراتيجيته التجارية (الربحية) وليست السياسية.

 هل ستعيد سياسية الرئيس الاميركي (دونالد ترامب) تجاه العالم العربي احياء الخوف من الاسلام في الدول الغربية؟

وفق ردود الفعل الدولية، فأنه أمر مستبعد لأنه قرار فردي عنصري لا يمت لحقوق الانسان بصلة، لا سيما وإن الدول الغربية ممثلة بالاتحاد الاوربي أكثر الدول مدافعة عن حقوق الإنسان وساعية لكفالتها وضمانها، فضلاً عن ان مثل هذا القرار سيلحق خسائر بالاقتصاد العالمي، لذلك جوبه برفض دولي إضافة إلى رفض الداخل الاميركي، ورفض الاسرة الدولية ممثلة بمؤسساتها الاممية إذ وصفته الأمم المتحدة بأنه: “قرار غير قانوني ومتهور”، وأكد ذلك تصريح الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش): ” أنا قلق جدا من التمييز في حق المهاجرين واللاجئين والأقليات في العالم..

أنا أرى أن مقاطعة المسلمين شيء مقلق جدا”، في إشارة منه لتصريح الرئيس الأميركي (ترامب) حول منع دخول المسلمين للولايات المتحدة الأميركية. وهو بذلك حذر من التمييز في حق اللاجئين والمهاجرين الذي قد يتسبب في تنامي التطرف.

كما أنتقد وزير الخارجية الفرنسي القرار على أنه “قرار مقلق غير عقلاني” وكذلك المملكة المتحدة وألمانيا وسويسرا الذين وصفوه بأنه “قرار تمييزي وخاطئ، يتنافى مع مبادئ التعاون الدولي، كما يثير التفرقة الدينية”.

 فضلاً عن أن خمس ولايات أميركية بحثت الطعن بالقرار معتبرين أن (ترامب) وحده يعتقد أن الإسلام يكرههم” (أي الشعب الأميركي)، حين عبر عن ذلك في مقابلة قدمها لشبكة CNN في آذار 2016 وأضاف “أنّ الحرب هي ضدّ الإسلام المتطرف ومن الصعب الفصل بين الإسلام والإرهاب العالمي، لأنه يصعب التمييز بينهما”.

وأن الحركات الإسلامية بمختلف أشكالها هي عدواً رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وستعمد إدارته إلى العمل على تفكيكها، وربما إضافة العديد منها إلى قائمة المنظمات الإرهابية.

هذه التصريحات التي تحولت فيما بعد سياسة معززة بقرارات تمييزية عدوانية ضد المسلمين كانت سبب لرفض دولي وباعتقادي فان مثل هذه السياسات الانفعالية لا تتماشى مع السياسة الخارجية الأميركية التي ستنجح في النهاية في ترويض (ترامب) وامتصاص اندفاعه وردود أفعاله الانفعالية لان استمرارها سيؤدي الى اختلال توازن مصالح وعلاقات الولايات المتحدة الأميركية في العالم الاسلامي خصوصاً والدولي عموماً.

بصفتك باحثة في العلوم السياسية… ما هو الاطار الذي ينبغي ان يتحرك فيه العراق والدول العربية للحد من سياسات الولايات المتحدة الأميركية تجاه الثروات الاقتصادية واهمها النفط؟

 من المعروف، أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تتمتع بذات القوة والقدرة التي خرجت بها بعد الحرب العالمية الثانية، أو بعد أفول الكتلة الشرقية في تسعينيات القرن العشرين وانفراديتها بالتحكم الدولي، وهذا ما يدفعها اليوم لنهب الثروات العربية لسد النقص في حاجاتها الاقتصادية.

 الأمر الذي يوجب على العراق وباقي الدول العربية مواجهة السياسة الأميركية القادمة عن طريق تسليط الضوء على ضرورة إعادة تشكيل الأنماط السياسية والاقتصادية عن طريق:

  1. دراسة القرارات الأميركية التي قد تكون في أغلبها تصديراً للمشكلات، من دون اعتبار آثارها في دول المنطقة وتوحيد الرؤى والسياسات في التعاطي مع تلك القرارات.
  2. مغادرة الاقتصاد الريعي ودعم الاقتصاد الإنتاجي، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، عَبر الانفتاح على الاستثمارات العربية – العربية، وتحقيق التكامل العربي – العربي في هذه المجالات، لإنشاء اقتصاد قوي يواجه الخطط الاقتصادية الرامية لإضعاف العراق والدول العربية اقتصادياً.
  3. رفع الحوار الديني في المنطقة من مستوى الاتهام والتكفير والتخوين إلى مستوى تقبل الآخر وتفهمه، لأن غياب الحوار الديني كان سبب لقرارات (ترامب) التي فجرت المخاوف من أزمات اقتصادية فيجب الارتقاء بهذا الحوار لمستوى معتدل لتبديد مبررات (ترامب) وتفويت الفرصة لسياساته الاقصائية التي يعلقها على التطرف الاسلامي.
  4. زيادة وتفعيل التعاون الاقتصادي مع دول الاتحاد الاوربي وروسيا الاتحادية والقوى الصاعدة في آسيا مثل الصين والهند وبناء شراكات وتحالفات اقتصادية تحميها من أي أزمة اقتصادية مستقبلية.
الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق